عيسى يصل إلى حضرة المتقي لله، وجرى الأمر على ذلك تسعة أيام ثم تقلد أبو إسحاق القراريطي الوزارة، ولازما منزلهما. وتوفي أبو الحسن علي بن عيسى في يوم الجمعة لليلة خلت من ذي الحجة سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة عن تسع وثمانين وستة أشهر، لأن مولده كان في جمادي الآخرة سنة خمس وأربعين ومائتين.
حدث أبو علي عبد الرحمن بن عيسى قال: كان محمد بن جعفر العبرتائي من عمال أبي الحسن بن الفرات وخواصه، وكان يعامل أخي أبا الحسن علي بن عيسى فيما ضمنه من طساسيج طريق الجارية في الخاصة، فاستوفى عليه استيفاءً تشدد فيه، واجتهد في إصلاح نيته وقبول مبرته بكل ما يجتهد مثله مع مثله، وأخي يمتنع ويقول: يا هذا الرجل إنما بيننا أمر هذا الضمان فإن وفيت به وخرجت منه فأنت أجل الناس عندي وأقربهم مني، وإن أقمت على أمرك في المغاورة والمدافعة فأنت أبعدهم من قلبي وأشقاهم بي. فحضر عنده في بعض الأيام وكان يوم ثلاثاء، وأخي خال من العمل؛ وجرى ذكر البلدان وما خص به كل واحد منها من الطرف والألوان، فقيل: لمصر دهن البلسان وللبصرة النخل والبساتين، ولسكسكر زكاء الأرض جودة الغلات