الأولى حتى واجهه بأنه أنفذه إلى القرامطة مبتدئاً، وكاتبوه يلتمسون منه المساحي والطلق وغير ذلك، فحمل جميعه إليهم، وأخرج أبو الحسن بن الفرات نسخة كتاب أنشأه ابن ثوابة عن علي بن عيسى إلى القرامطة جواباً عن كتاب ورد منهم إليه وفيه إصلاحات بخطه، ولم يقل فيها: إنكم خارجون عن ملة الإسلام لمخالفتكم الإجماع وعصيانكم على الإمام. بل قال: ولكنكم خارجون عن جملة أهل الرشاد والسداد. وداخلون مع أهل العناد والفساد.
وقال ابن الفرات لعلي بن عيسى موبخاً ومهجناً: تقول ويحك للقرامطة الذين قد أجمع الناس أنهم أهل ردة وضلالة قولاً تلحقهم فيه بأهل الملة وهم لا يصلون ولا يصومون ولا يدينون بما يدين به المسلمون، وتنفذ إليهم الطلق الذي إذا طلي به البدن أو غيره لم تعمل النار فيه؟ قال: إنما اعتمدت بذاك المصلحة، وأن أستعيدهم إلى الطاعة بالرفق والاستمالة. فقال ابن الفرات لأبي عمر القاضي: ما عندك في هذا يا أبا عمر؟ فتوقف عن جوابه، وأقبل على علي بن عيسى وقال له: قد أقررت يا هذا بما لو أقر إمام به لسقطت طاعته وتعطلت إمامته. قال: فنظر علي بن عيسى إليه نظر منكر لقوله، لعلمه بأن المقتدر بالله بحيث يسمع ما يجري ولا يرى. وطالب ابن الفرات أبا عمر بأن يكتب خطه بشيء من هذا المعنى، فلم يفعل وقال: قد غلط علي بن عيسى غلطاً كبيراً فأما جواب هذا القول فما عندي. فأخذ خطه بما سمعه من إقراره في أن الكتاب كتابه، وأن الإصلاح في النسخة بخطه. ثم أقبل ابن الفرات على أبي جعفر أحمد بن أسحاق بن البهلول القاضي فقال: ما عندك يا أبا جعفر في ذلك؟ فقال: إن أذن الوزير أن أقول ما عندي على بيان قلته. قال: أفعل. قال: صح عندي أن هذا الرجل وأومأ إلي علي ابن عيسى