المكروه. فقال: لست من ذوي الأموال، وما لي قدرة على أكثر من ثلاثة آلاف دينار. فقال له ابن الفرات: تقول هذا وقد وجد لك عند عيسى الناقد سبعة عشر ألف دينار وأُخذ خطه بها وديعةً كانت لك عنده؟ فقال. هذا رجل قلدته مال ضياع البر والجهبذة، وعنده أموال حاصلة، فإما أن يكون المال منها أو تكون قد أخذت ماله ونسبته

إلي وأكرهته على أن كتب خطه بذلك. فقال له ابن الفرات قد أسقطت من أرزاق أولاد القرابة والحرم والحواشي والخدم والفرسان الذين كنت أُوفيهم أرزاقهم في أيامي الأولى والثانية مدة خمس سنين دبرت فيها المملكة، وأخذت من ارتفاع ضياع الملك والإقطاع بعدما افرد منها للأمراء ما يكون مبلغه مع ما كنت أحمله إلى أمير المؤمنين في وزارتي الثانية وهو في كل شهر خمسة وأربعون ألف دينار للمدة المذكورة الجملة الكبيرة، فإما أن تكون قد احتجنت ذلك لنفسك أو أضعته لتفريطك. فقال له علي بن عيسى: ما استغللته من الضياع ووفرته من أرزاق من يستغني عنه تممت به عجزاً أدخل في الخرج حتى اعتدلت الحال، ولم أمدد يدي إلى بيت مال الخاصة. وأما خمسة وأربعون ألف دينار التي كنت تحملها من المرافق فإنني لم أر ما رأيته أنت قط من المرافق للعمال، بل حظرتها عليهم علماً بأنها طريق إلى ضياع الحقوق وخراب البلاد وظلم الرعية، وأنت كنت توصي الحواشي بإخراب بيت المال، وتحول ما في بيت مال الخاصة إلى بيت مال العامة، ومن الدليل على ذلك أني كنت أتولى ضياع ديوان الخاصة، فلما تقلدت الوزارة بعد العباس بن الحسن انصرفت عنه فتركت في بيت مال الخاصة سبعة عشر ألف ألف دينار حاصلةً، فلما قلدني أمير المؤمنين وزارته في سنة إحدى وثلاثمائة لم أجد من ذلك المال شيئاً كبيراً. فقال له ابن الفرات: اكتب حظك بأنك خلفت في بيت مال الخاصة سبعة عشر ألف ألف دينار. أطلق العباس بن الحسن منها في البيعة لأمير المؤمنين ثلاثة آلاف ألف دينار. ووجدت أعمال فارس وكرمان خارجةً عن يد السلطان منذ أيام المعتضد لا يحمل منها المتغلبون عليها إلا النزر اليسير، فصدقت أمير المؤمنين عن صورتها وضمنت له فتحها ففتحتها. وقد كانت لي أموال جمعتها في خدمة أمير المؤمنين أنا وأخي وأسلافي مع أسلافه، وضياع وافرة الارتفاع، فلما رأى أمير المؤمنين أخذها كان أحق بها، فصح لي في بيوت الأموال في دفعتين أربعة آلاف ألف دينار. ثم أخذ ابن الفرات في مطالبته بالمال، فأقام على أنه لا مال عنده، وأعيد إلى محبسه. وكانت له بعد ذلك مناظرات، منها ما حدث به أبو محمد عبد الله بن علي المعروف بذكويه كاتب نصر القشوري الحاجب، وأبو الطيب محمد بن أحمد الكلوذاني كاتب بني الفرات قالا: حضر أبو الحسن بن الفرات في وزارته الثالثة في يوم الخميس لخمس ليال بقين من جمادي الآخرة سنة إحدى عشرة وثلاثمائة في أيام المقتدر بالله، وجمع القواد والقضاة والكتاب، فأُحضر أبو الحسن علي بن عيسى من محبسه وجمع بينه وبين ابن فلحة رسوله كان إلى القرامطة في وزارته الأولى حتى واجهه بأنه أنفذه إلى القرامطة مبتدئاً، وكاتبوه يلتمسون منه المساحي والطلق وغير ذلك، فحمل جميعه إليهم، وأخرج أبو الحسن بن الفرات نسخة كتاب أنشأه ابن ثوابة عن علي بن عيسى إلى القرامطة جواباً عن كتاب ورد منهم إليه وفيه إصلاحات بخطه، ولم يقل فيها: إنكم خارجون عن ملة الإسلام لمخالفتكم الإجماع وعصيانكم على الإمام. بل قال: ولكنكم خارجون عن جملة أهل الرشاد والسداد. وداخلون مع أهل العناد والفساد. لي وأكرهته على أن كتب خطه بذلك. فقال له ابن الفرات قد أسقطت من أرزاق أولاد القرابة والحرم والحواشي والخدم والفرسان الذين كنت أُوفيهم أرزاقهم في أيامي الأولى والثانية مدة خمس سنين دبرت فيها المملكة، وأخذت من ارتفاع ضياع الملك والإقطاع بعدما افرد منها للأمراء ما يكون مبلغه مع ما كنت أحمله إلى أمير المؤمنين في وزارتي الثانية وهو في كل شهر خمسة وأربعون ألف دينار للمدة المذكورة الجملة الكبيرة، فإما أن تكون قد احتجنت ذلك لنفسك أو أضعته لتفريطك. فقال له علي بن عيسى: ما استغللته من الضياع ووفرته من أرزاق من يستغني عنه تممت به عجزاً أدخل في الخرج حتى اعتدلت الحال، ولم أمدد يدي إلى بيت مال الخاصة. وأما خمسة وأربعون ألف دينار التي كنت تحملها من المرافق فإنني لم أر ما رأيته أنت قط من المرافق للعمال، بل حظرتها عليهم علماً بأنها طريق إلى ضياع الحقوق وخراب البلاد وظلم الرعية، وأنت كنت توصي الحواشي بإخراب بيت المال، وتحول ما في بيت مال الخاصة إلى بيت مال العامة، ومن الدليل على ذلك أني كنت أتولى ضياع ديوان الخاصة، فلما تقلدت الوزارة بعد العباس بن الحسن انصرفت عنه فتركت في بيت مال الخاصة سبعة عشر ألف ألف دينار حاصلةً، فلما قلدني أمير المؤمنين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015