المادرائيين في وزارتي الثانية بألف ألف وثلاثمائة ألف دينار صلحاً عن خراج ضياعهما بمصر والشام، وما أخذاه من المرافق عند تقلدهما الأعمال في أيامك الأولى. وبقي عليهما من المصادرة التي واقفهما أبو علي الخاقاني عليها، وأديا في أيامي نحو خمسمائة ألف دينار، وكانا على أداء تتمة المال، حتى صرفت ابن بسطام ساعة وليت عن الدواوين، وقلدت هذين العاملين الخائنين المجاهرين بأخذ أموال السلطان واقتطاعها، وكتبت عن أمير المؤمنين بإسقاط مال الصلح عنهما، وذكرت أنه أمر بذلك، وقد سألته فأنكر دعواك عليه ما أدعيته. فقال علي ابن عيسى: كنت في الوقت كاتباً لحامد، وخليفةً له على الأعمال، ومتصرفاً على أمره في كبير الأمور وصغيرها وهو ذكر لي عن أمير المؤمنين أنه أمر بإسقاط هذا المال، ووقع بذلك توقيعاً كتبت في آخره بامتثاله كما يفعل خليفة الوزير فيما يأمر به صاحبه. فقال له ابن الفرات: أنت كنت تعارض حامداً في كل أحواله، وتخاصمه في اليسير مما يخرج عليه من مال ضمانه، حتى تحدث الناس بكما، وعجبوا لما يجري بينكما، فلم تركت أن تستأذن السلطان في مثل هذا المال الجليل؟ فقال: كنت في أول الأمر كاتباً لحامد مدة سبعة أشهر حتى بان لأمير المؤمنين ما رأى معه التعويل علي في تدبير الأمور، وكان ما جرى من أمر المادرائيين في صدر أيام حامد. فقال له ابن الفرات: فلما اعتمد عليك أمير المؤمنين ألا صدقته عن غلط حام فيها غلط به وفرط فيه؟ فقال: إنما تركت ذلك