وعظمت القصة وقلت. إن لم يعالج ابن الفرات تمت الحيلة الموضوعة. ثم سألتها مطالعة الخليفة والسيدة بذلك، وكتمانه عن كل أحد بعدهما لئلا ينم الحديث إلى ابن الفرات فيبطل ما رتبه. ففعلت أم موسى، وأنفذ المقتدر بالله شفيعاً خادم السيدة إلى القصر على وجه التصيد حتى عرف خبر العمارية الفارغة، ورأى زي العامل الذي هو أكثر من عمله. فلم يشك المقتدر بالله في صحة ما ذكرته، واستظهر بأن شافه مؤنساً وغريباً الخال بذلك، وكانا عدوي ابن الفرات ومعي في التدبير عليه، فقالا: هو خبر مستفيض. وقوياه في نفسه، وقالا له: إن لم تعالجه امتنع من حضور الدار، واعتصم بمن يساعده من الجيش على كثرتهم. فقبض عليه في يوم الأربعاء الثالث من ذي الحجة من سنة تسع وتسعين ومائتين. قال أبو الحسن بن هشام: فحدثني أبو عبد الله بن عبد الأعلى الإسكافي كاتب نصر القشوري الحاجب قال: كنت بحضرة صاحبي في يوم للعرض على ابن الفرات، فرأيته قد خاف خوفاً شديداً، فقلت: ما الخبر أيها الأستاذ؟ قال: ويحك، جاءني الساعة خادم ممن أُعول عليه في مراعاة أخبار الخليفة، فعرفني أنه شاهده وقد جمع جماعةً من خواص خدمه، وأقامهم حواليه بالسلاح، وأسبل الستور والستائر في الدار التي هو وهم فيها، وهذا لأمر كبير ما أعلم ما هو. فما مضت ساعة حتى وافى أبو الحسن بن الفرات، وخرج نصر الحاجب فتلقاه على رسمه، ودخل إلى دار الوزارة المرسومة به، وأنفذ نصر يستأذن في وصوله. فخرجت رسالة الخليفة: بأني