قال بعض المفسرين: فيه زجر شديد عن إظهار صورة الموالاة لهم وإن لم تكن موالاة في الحقيقة.
قلت: وأقل الأحوال في هذه الآية أنها تقضي تحريم موالاة أعداء الله تعالى وإن كان ظاهرها يقتضي كفر من تولاهم، ولهذا روي عن حذيفة رضي الله عنه أنه قال: ليتق أحدكم أن يكون يهوديا أو نصرانيا وهو لا يشعر وتلا هذه الآية. وروى ابن أبي حاتم عن محمد بن سيرين قال: قال عبد الله بن عتبة: ليتق أحدكم أن يكون يهوديا أو نصرانيا وهو لا يشعر. قال: فظنناه يريد هذه الآية.
وروى الإمام أحمد بإسناد صحيح عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قلت لعمر رضي الله عنه إن لي كاتبا نصرانيا قال: مالك قاتلك الله أما سمعت الله يقول: {ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض} ألا اتخذت حنيفا. قال: قلت يا أمير المؤمنين لي كتابته وله دينه. قال: لا أكرمهم إذا أهانهم الله ولا أعزهم إذا أذلهم الله ولا أدنيهم إذا أقصاهم الله.
وورد على عمر رضي الله عنه كتاب معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه: أما بعد يا أمير المؤمنين فإن في عملي كاتبا نصرانيا لا يتم أمر الخراج إلا به فكرهت أن أقلده دون أمرك. فكتب إليه: عافانا الله وإياك قرأت كتابك في أمر النصراني، أما بعد فإن النصراني قد مات، والسلام.