وأما الحب في الله والبغض في الله والموالاة في الله والمعاداة في الله وهجر أهل المعاصي لله والإكفهرار في وجوههم من أجل ما ارتكبوه من المعاصي فكل ذلك قد صار عند كثير من الناس من قبيل المنكرات.
حتى أن كثيرا من المنتسبين إلى العلم قد صاروا يدندنون حول انكار هذه الأعمال الفاضلة المحبوبة إلى الله تعالى ويعدونها من مساوئ الأخلاق، ويعيبون على من يعمل بها ويذمونهم ويعدونهم لذلك أهل تجبر وتكبر وتعنت وشذوذ وتشديد وغلو في الدين، وقد سمعت هذا أو بعضه من بعض الخطباء والقصاص الثرثارين المتشدقين الذين يقولون مالا يفعلون ويفعلون مالا يؤمرون، ويأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون.
وسمعت بعضهم يصرح على رؤوس الأشهاد بانكار الحب في الله والبغض في الله، وسمعتهم أيضا يحثون الناس في خطبهم وقصصهم على حسن السلوك مع الناس كلهم واستجلاب مودتهم ومحبتهم ويرغبونهم في إظهار البشاشة لكل أحد وسواء على ظاهر كلامهم الصالح والطالح من الناس , وربما صرح بعضهم أن هذه الأفعال الذميمة من حسن الخلق ومن مقتضيات العقل.
فيقال لهؤلاء الحيارى المغرورين، العقل في باب الحب والبغض