قَوْلُهُ (وَلِأَبْنَاءِ الْأَنْصَارِ وَلِأَبْنَاءِ أَبْنَاءِ الْأَنْصَارِ) ظَاهِرُهُ تَخْصِيصُ طَلَبِ الْمَغْفِرَةِ إِلَى مَرْتَبَتَيْنِ الْأَبْنَاءِ وَأَبْنَاءِ الْأَبْنَاءِ وَلَوْ حُمِلَ عَلَى آخِرِ مَرَاتِبِ الْأَبْنَاءِ بَالِغًا مَا بَلَغَ إِلَى مُدَّةِ بَقَائِهِمْ لَمْ يَبْعُدْ بَلْ لَوْ حُمِلَ الْأَبْنَاءُ عَلَى مَعْنَى الْأَوْلَادِ كَانَ لَهُ وَجْهٌ كَذَا فِي اللُّمَعَاتِ
قُلْتُ وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْأَخِيرَ رِوَايَةُ أَنَسٍ الْمُتَقَدِّمَةُ بِلَفْظِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ وَلِذَرَارِيِّ الْأَنْصَارِ وَلِذَرَارِيِّ ذَرَارِيِّهِمْ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ) وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُ أَنَّ رسول الله اسْتَغْفَرَ لِلْأَنْصَارِ قَالَ وَأَحْسِبُهُ قَالَ وَلِذَرَارِيِّ الْأَنْصَارِ ولموالي الأنصار
لا أشك فيه
الدُّورُ بِالضَّمِّ جَمْعُ دَارٍ وَهِيَ الْمَنَازِلُ الْمَسْكُونَةُ وَالْمَحَالُّ وَتُجْمَعُ أَيْضًا عَلَى دِيَارٍ وَأَرَادَ بِهَا هُنَا الْقَبَائِلَ وَكُلُّ قَبِيلَةٍ اجْتَمَعَتْ فِي مَحَلَّةٍ سُمِّيَتْ تِلْكَ الْمَحَلَّةُ دَارًا وَسُمِّيَ سَاكِنُوهَا بِهَا مَجَازًا عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ أَيْ أَهْلِ الدُّورِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ
[3910] قَوْلُهُ (أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ دُورِ الْأَنْصَارِ) أَيْ أَفْضَلِ قَبَائِلِهِمْ
قَالَ النَّوَوِيُّ وَكَانَتْ كُلُّ قبيلة منها تَسْكُنُ مَحَلَّةً فَتُسَمَّى تِلْكَ الْمَحَلَّةُ دَارَ بَنِي فُلَانٍ وَلِهَذَا جَاءَ فِي كَثِيرٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ بَنُو فُلَانٍ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الدَّارِ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَتَفْضِيلُهُمْ عَلَى قَدْرِ سَبْقِهِمْ إِلَى الْإِسْلَامِ وَمَآثِرِهِمْ فِيهِ وَفِي هَذَا دَلِيلٌ لِجَوَازِ تَفْضِيلِ الْقَبَائِلِ وَالْأَشْخَاصِ بِغَيْرِ مُجَازَفَةٍ وَلَا هَوًى وَلَا يَكُونُ هَذَا غِيبَةً انْتَهَى (أَوْ بِخَيْرِ الْأَنْصَارِ) أَوْ لِلشَّكِّ مِنَ الرَّاوِي (بَنُو النَّجَّارِ) بِفَتْحِ النُّونِ وَتَشْدِيدِ الْجِيمِ هُمْ مِنَ الْخَزْرَجِ وَالنَّجَّارُ هُوَ تَيْمُ اللَّهِ وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ ضَرَبَ رجلا فنجره فقيل له النجار وهو بن ثَعْلَبَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ