يُهْدُونَ إِلَيْهِ أَيْنَ مَا كَانَ أَيْ مِنْ حُجُرَاتِ الْأُمَّهَاتِ وَمُرَادُهُنَّ أَنَّهُ لَا يَقَعُ التَّحَرِّي فِي ذَلِكَ لَا لَهُنَّ وَلَا لِغَيْرِهِنَّ بَلْ بِحَسَبِ مَا يَتَّفِقُ الْأَمْرُ فِيهِنَّ لِيَرْتَفِعَ التَّمْيِيزُ الْبَاعِثُ لِلْغَيْرَةِ عَنْهُنَّ (فَذَكَرَتْ ذَلِكَ أُمُّ سَلَمَةَ) أي لرسول الله (ثم عاد إليها) أعاد النبي إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ فِي يَوْمِ نَوْبَتِهَا (لَا تُؤْذِينِي فِي عَائِشَةَ) أَيْ فِي حَقِّهَا وَهُوَ أَبْلَغُ مِنْ لَا تُؤْذِي عَائِشَةَ لِمَا تُفِيدُ مِنْ أَنَّ مَا آذَاهَا فَهُوَ يُؤْذِيهِ (مَا أُنْزِلَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (عَلَيَّ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ (وَأَنَا فِي لِحَافِ امْرَأَةٍ مِنْكُنَّ غَيْرِهَا) بِالْجَرِّ صِفَةٌ لِامْرَأَةٍ
فَإِنْ قُلْتَ مَا وَجْهُ التَّوْفِيقِ بَيْنَ هَذَا الْحَدِيثِ وَبَيْنَ مَا فِي حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَوْبَتَنَا على نبيه حِينَ بَقِيَ الثُّلُثُ الْآخِرُ مِنَ اللَّيْلِ وَرَسُولُ الله عِنْدَ أُمِّ سَلَمَةَ
قُلْتُ قَالَ الْقَاضِي جَلَالُ الدِّينِ لَعَلَّ مَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ كَانَ قَبْلَ الْقِصَّةِ الَّتِي نَزَلَ الْوَحْيُ فِيهَا فِي فِرَاشِ أُمِّ سَلَمَةَ انْتَهَى قَالَ السُّيُوطِيُّ فِي الْإِتْقَانِ ظَفِرْتُ بِمَا يُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَابٌ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا فَرَوَى أَبُو يَعْلَى فِي مُسْنَدِهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ أُعْطِيتُ تِسْعًا الْحَدِيثَ وَفِيهِ وإن كان الوحي لينزل عليه وهو أَهْلِهِ فَيَنْصَرِفُونَ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ لَيَنْزِلُ عَلَيْهِ وَأَنَا مَعَهُ فِي لِحَافِهِ
وَعَلَى هَذَا لَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ انْتَهَى
وَفِي الْحَدِيثِ مَنْقَبَةٌ ظَاهِرَةٌ لِعَائِشَةَ وَأَنَّهُ لَا حَرَجَ عَلَى الْمَرْءِ فِي إِيثَارِ بَعْضِ نِسَائِهِ بِالتُّحَفِ وَإِنَّمَا اللَّازِمُ الْعَدْلُ فِي الْمَبِيتِ وَالنَّفَقَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الأمور اللازمة كذا قرره بن بطال عن المهلب
وتعقبه بن المنير بأن النبي لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ وَإِنَّمَا فَعَلَهُ الَّذِينَ أَهْدَوْا لَهُ وَهُمْ بِاخْتِيَارِهِمْ فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا لَمْ يمنعهم النبي لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ كَمَالِ الْأَخْلَاقِ أَنْ يَتَعَرَّضَ الرَّجُلُ إِلَى النَّاسِ بِمِثْلِ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّعَرُّضِ لِطَلَبِ الْهَدِيَّةِ
قَوْلُهُ (وَقَدْ رَوَى بَعْضُهُمْ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ إِلَخْ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي فَضْلِ عَائِشَةَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ النَّاسُ يَتَحَرَّوْنَ إِلَخْ