وَحْيِ الْيَقَظَةِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ (فَأَقَامَ بِمَكَّةَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ فَمَكَثَ بِمَكَّةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً ثُمَّ أُمِرَ بِالْهِجْرَةِ فَهَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ
قَالَ الْحَافِظُ هَذَا أَصَحُّ مِمَّا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ عِمَادِ بْنِ أَبِي عماد عن بن عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَامَ بِمَكَّةَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً (وَبِالْمَدِينَةِ عَشَرًا) أي عشر سنين وتوفي وهو بن ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ ذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ فِي هَذَا الْبَابِ ثَلَاثَ رِوَايَاتٍ إِحْدَاهَا هَذِهِ وَالثَّانِيَةُ قُبِضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وهو بن خَمْسٍ وَسِتِّينَ وَالثَّالِثَةُ وَتَوَفَّاهُ اللَّهُ عَلَى رَأْسِ سِتِّينَ سَنَةً وَقَدْ جَمَعَ النَّوَوِيُّ بَيْنَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ جَمْعًا حَسَنًا فَقَالَ ذَكَرَ مُسْلِمٌ فِي الْبَابِ ثَلَاثَ رِوَايَاتٍ إِحْدَاهَا أَنَّهُ صَلَّى الله عليه وسلم توفي وهو بن سِتِّينَ سَنَةً وَالثَّانِيَةُ خَمْسٌ وَسِتُّونَ وَالثَّالِثَةُ ثَلَاثٌ وستون وهي أصحها وأشهرها
رواها مسلم ها هنا من رواية عائشة وأنس وبن عَبَّاسٍ وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ أَصَحَّهَا ثَلَاثٌ وَسِتُّونَ وَتَأَوَّلُوا الْبَاقِيَ فَرِوَايَةُ سِتِّينَ اقْتُصِرَ فِيهَا عَلَى الْعُقُودِ وَتُرِكَ الْكَسْرُ وَرِوَايَةُ الْخَمْسِ مُتَأَوَّلَةٌ أَيْضًا وَحَصَلَ فِيهَا اشْتِبَاهٌ وَقَدْ أَنْكَرَ عُرْوَةُ على بن عَبَّاسٍ قَوْلَهُ خَمْسٌ وَسِتُّونَ وَنَسَبَهُ إِلَى الْغَلَطِ وَأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ أَوَّلَ النُّبُوَّةِ وَلَا كَثُرَتْ صُحْبَتُهُ بِخِلَافِ الْبَاقِينَ وَاتَّفَقُوا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَامَ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ عَشْرَ سِنِينَ وَبِمَكَّةَ قَبْلَ النُّبُوَّةِ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي قَدْرِ إِقَامَتِهِ بِمَكَّةَ بَعْدَ النُّبُوَّةِ وَقَبْلَ الْهِجْرَةِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا ثَلَاثَ عَشْرَةَ فَيَكُونُ عُمْرُهُ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا أَنَّهُ بُعِثَ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً هُوَ الصَّوَابُ الْمَشْهُورُ الَّذِي أَطْبَقَ عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ
وَحَكَى الْقَاضِي عياض عن بن عَبَّاسٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ رِوَايَةً شَاذَّةً أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُعِثَ عَلَى رَأْسِ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً وَالصَّوَابُ أَرْبَعُونَ كَمَا سَبَقَ وَوُلِدَ عَامَ الْفِيلِ عَلَى الصَّحِيحِ الْمَشْهُورِ وَقِيلَ بعد الفيل بثلاث سنة وَقِيلَ بِأَرْبَعِينَ سَنَةً وَادَّعَى الْقَاضِي عِيَاضٌ الْإِجْمَاعَ عَلَى عَامِ الْفِيلِ وَلَيْسَ كَمَا ادَّعَى وَاتَّفَقُوا أَنَّهُ وُلِدَ يَوْمَ الْاثْنَيْنِ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ وَاخْتَلَفُوا فِي يَوْمِ الْوِلَادَةِ هَلْ هُوَ ثَانِي الشَّهْرِ أَمْ ثَامِنُهُ أَمْ عَاشِرُهُ أَمْ ثاني عشر وَيَوْمُ الْوَفَاةِ ثَانِيَ عَشَرَهُ ضُحًى انْتَهَى
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ
[3622] قَوْلُهُ (قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بن خَمْسٍ وَسِتِّينَ سَنَةً) هَذِهِ الرِّوَايَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى إِدْخَالِ سَنَةِ الْوِلَادَةِ وَسَنَةِ الْوَفَاةِ وَحِسْبَانِهِمَا