كَانَ الْغِرَاسُ أَطْيَبَ لَا سِيَّمَا وَالْغَرْسُ الْكَلِمَاتُ الطَّيِّبَاتُ وَهُنَّ الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ وَالْمَعْنَى أَعْلِمْهُمْ بِأَنَّ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ وَنَحْوَهَا سَبَبٌ لِدُخُولِ قَائِلِهَا الْجَنَّةَ وَلِكَثْرَةِ أَشْجَارِ مَنْزِلِهِ فِيهَا لِأَنَّهُ كُلَّمَا كَرَّرَهَا نَبَتَ لَهُ أَشْجَارٌ بِعَدَدِهَا
وَقَالَ الطِّيبِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِشْكَالٌ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَرْضَ الْجَنَّةِ خَالِيَةٌ عَنِ الْأَشْجَارِ وَالْقُصُورِ وَيَدُلُّ قَوْلُهُ تَعَالَى جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ خَالِيَةٍ عَنْهَا لِأَنَّهَا إِنَّمَا سُمِّيَتْ جَنَّةً لِأَشْجَارِهَا الْمُتَكَاثِفَةِ الْمُظِلَّةِ بِالْتِفَافِ أَغْصَانِهَا وَالْجَوَابُ أَنَّهَا كَانَتْ قِيعَانًا ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَدَ بِفَضْلِهِ فِيهَا أَشْجَارًا وَقُصُورًا بِحَسَبِ أَعْمَالِ الْعَامِلِينَ لِكُلِّ عَامِلٍ مَا يَخْتَصُّ بِهِ بسبب عمله ثم إنه تعالى لما بسره لِمَا خُلِقَ لَهُ مِنَ الْعَمَلِ لِيَنَالَ بِذَلِكَ الثَّوَابَ جَعَلَهُ كَالْغَارِسِ لِتِلْكَ الْأَشْجَارِ مَجَازًا إِطْلَاقًا للسبب على المسبب انتهى قال القارىء وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّهُ لَا دَلَالَةَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى الْخُلُوِّ الْكُلِّيِّ مِنَ الْأَشْجَارِ وَالْقُصُورِ لِأَنَّ مَعْنَى كَوْنِهَا قِيعَانًا أَنَّ أَكْثَرَهَا مَغْرُوسٌ وَمَا عَدَاهُ مِنْهَا أَمْكِنَةٌ وَاسِعَةٌ بِلَا غَرْسٍ لِيَنْغَرِسَ بِتِلْكَ الْكَلِمَاتِ وَيَتَمَيَّزَ غَرْسُهَا الْأَصْلِيُّ الَّذِي بِلَا سَبَبٍ وَغَرْسُهَا الْمُسَبَّبِ عَنْ تِلْكَ الْكَلِمَاتِ انْتَهَى
قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ) أَخْرَجَهُ أحمد بإسناد حسن وبن أبي الدنيا وبن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ كَذَا فِي التَّرْغِيبِ قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي التَّرْغِيبِ بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا الْحَدِيثِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ وَالْأَوْسَطِ وَزَادَ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ رَوَيَاهُ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إسحاق عن القاسم عن أبيه عن بن مَسْعُودٍ
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هذا الوجه من حديث بن مَسْعُودٍ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ أَبُو الْقَاسِمِ هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ هَذَا لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ هُوَ أَبُو شَيْبَةَ الْكُوفِيُّ وَاهٍ وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ أَيْضًا بِإِسْنَادٍ وَاهٍ مِنْ حَدِيثِ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ وَلَفْظُهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ فِي الْجَنَّةِ قِيعَانًا فَأَكْثِرُوا مِنْ غَرْسِهَا
قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا غَرْسُهَا قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ
انْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ
[3463] قَوْلُهُ (أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ) الْقَطَّانُ (أَخْبَرَنَا مُوسَى الْجُهَنِيُّ) فِي التَّقْرِيبِ موسى بن عبد الله ويقال بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُهَنِيُّ أَبُو سَلَمَةَ الْكُوفِيُّ ثِقَةٌ عَابِدٌ لَمْ يَصِحَّ أَنَّ الْقَطَّانَ طَعَنَ فِيهِ مِنَ السَّادِسَةِ (عَنْ أَبِيهِ) أَيْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ
قَوْلُهُ أَيَعْجِزُ بِكَسْرِ الْجِيمِ أَنْ يكسب أي