إِلَيْهِمْ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَقَالَ وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ قَالَ أَيِ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ إِنَّ هَذِهِ أَيِ الْكَلِمَاتِ الْمَذْكُورَةَ وَتَحِيَّةُ بَنِيكَ فِيهِ تَغْلِيبٌ أَيْ ذُرِّيَّتِكَ بَيْنَهُمْ أَيْ فِيمَا بَيْنَهُمْ عِنْدَ مُلَاقَاتِهِمْ فَهَذِهِ سُنَّةٌ قَدِيمَةٌ (وَيَدَاهُ مَقْبُوضَتَانِ) الجملة حال والضمير لله
قال القارىء مَذْهَبُ السَّلَفِ مِنْ نَفْيِ التَّشْبِيهِ وَإِثْبَاتِ التَّنْزِيهِ مَعَ التَّفْوِيضِ أَسْلَمُ انْتَهَى
قُلْتُ بَلْ هُوَ الصَّوَابُ (اخْتَرْ أَيَّهُمَا) أَيْ مِنَ الْيَدَيْنِ
وَفِي الْمِشْكَاةِ أَيَّتَهُمَا وَهُوَ الظَّاهِرُ (وَكِلْتَا يَدَيْ رَبِّي يَمِينٌ) مِنْ كَلَامِ آدَمَ أَوْ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَوْلُهُ (مُبَارَكَةٌ) صِفَةٌ كَاشِفَةٌ (ثُمَّ بَسَطَهَا) أَيْ فَتَحَ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَمِينَهُ (فَإِذَا فِيهَا) أَيْ مَوْجُودٌ (آدَمُ وَذُرِّيَّتُهُ) قَالَ الطِّيبِيُّ يَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي رَأَى آدَمُ مِثَالَهُ وَمِثَالَ بَنِيهِ فِي عَالَمِ الْغَيْبِ (هَؤُلَاءِ ذُرِّيَّتُكَ) الظَّاهِرُ مِنْ كَوْنِهِمْ فِي الْيَمِينِ اخْتِصَاصُهُمْ بِالصَّالِحِينَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ وَالْمُقَرَّبِينَ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْلُهُ فَإِذَا كُلُّ إِنْسَانٍ إِلَخْ (فَإِذَا فِيهِمْ رجل أضوؤهم) فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ لِكُلِّهِمْ ضِيَاءً لَكِنَّهُ يَخْتَلِفُ فِيهِمْ بِحَسَبِ نُورِ إِيمَانِهِمْ (أَوْ مِنْ أَضْوَئِهِمْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي (مَنْ هَذَا) قَالَ الطِّيبِيُّ ذَكَرَ أَوَّلًا مَا هَؤُلَاءِ لِأَنَّهُ مَا عَرَفَ مَا رَآهُ ثُمَّ لَمَّا قِيلَ لَهُ هُمْ ذُرِّيَّتُكَ فَعَرَفَهُمْ فَقَالَ مَنْ هَذَا (وَقَدْ كَتَبْتُ لَهُ عُمُرَ أَرْبَعِينَ سَنَةً) قَالَ الطِّيبِيُّ قَوْلُهُ عُمُرَ أَرْبَعِينَ مَفْعُولُ كَتَبْتُ وَمُؤَدَّى الْمَكْتُوبِ لِأَنَّ الْمَكْتُوبَ عُمُرُهُ أَرْبَعُونَ سَنَةً وَنَصَبَ أَرْبَعِينَ عَلَى الْمَصْدَرِ عَلَى تَأْوِيلِ كَتَبْتُ لَهُ أَنْ يُعَمَّرَ أَرْبَعِينَ سَنَةً (قَالَ يَا رَبِّ زِدْهُ فِي عُمُرِهِ) أَيْ مِنْ عِنْدِكَ وَفَضْلِكَ (ذَاكَ الَّذِي كُتِبَ لَهُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ كَتَبْتُ بِصِيغَةِ الْمُتَكَلِّمِ الْمَعْلُومِ
قَالَ الطِّيبِيُّ ذَاكَ الَّذِي مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ مَعْرِفَتَانِ فَيُفِيدُ الْحَصْرَ أَيْ لَا مَزِيدَ عَلَى ذَلِكَ وَلَا نُقْصَانَ (قَالَ) يَعْنِي آدَمَ (أَيْ رَبِّ) أَيْ يَا رَبِّ (فَإِنِّي) أَيْ إِذَا أَبَيْتَ مِنْ عِنْدِكَ فَإِنِّي (قَدْ جَعَلْتُ لَهُ مِنْ عمري) أي من جملة مدة عمري وسنيه (سِتِّينَ سَنَةً) أَيْ تَكْمِلَةً لِلْمِائَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا الْخَبَرِ الدُّعَاءُ وَالِاسْتِدْعَاءُ مِنْ رَبِّهِ أَنْ يَجْعَلَهُ سُبْحَانَهُ كَذَلِكَ فَإِنَّ أَحَدًا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى هَذَا الْجُعْلِ وَقَوْلُهُ قَدْ جَعَلْتُ لَهُ مِنْ عُمُرِي سِتِّينَ سَنَةً هُنَا يُخَالِفُ مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْأَعْرَافِ بِلَفْظِ زِدْهُ مِنْ عُمُرِي أَرْبَعِينَ سَنَةً وَقَدْ تَقَدَّمَ وَجْهُ الْجَمْعِ هُنَاكَ (قال أنت وذاك) قال القارىء يَحْتَمِلُ الْبَرَاءَةَ وَيَحْتَمِلُ الْإِجَابَةَ
وَقَالَ الطِّيبِيُّ هُوَ نَحْوُ قَوْلِهِمْ كُلُّ