بَعْضِهَا إِلَى بَعْضٍ فَمَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى كُوِّرَتْ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ ثُمَّ لُفَّتْ فَرُمِيَ بِهَا وإذا فعل بها ذلك ذهب ضوؤها
انتهى كلام الحافظ بن كثير وإذا السماء انفطرت أي انشقت وإذا السماء انشقت أَيِ انْصَدَعَتْ وَالْمُرَادُ هَذِهِ السُّوَرُ فَإِنَّهَا مُشْتَمِلَةٌ عَلَى ذِكْرِ أَحْوَالِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَأَهْوَالِهِ
وَحَدِيثُ بن عُمَرَ هَذَا أَخْرَجَهُ أَيْضًا أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْحَاكِمُ وصححه وبن مردويه
4 - باب وَمِنْ سُورَةِ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ مَدَنِيَّةٌ فِي قَوْلٍ وَمَكِّيَّةٌ فِي قَوْلٍ وَقِيلَ فِيهَا ثَمَانِ آيَاتٍ مَكِّيَّةٌ وَهِيَ مِنْ قَوْلِهِ إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا إِلَى آخِرِهَا وَقِيلَ فِيهَا آيَةٌ مَكِّيَّةٌ وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أساطير الأولين وَقِيلَ إِنَّهَا نَزَلَتْ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ زَمَنَ الْهِجْرَةِ وَهِيَ سِتٌّ وَثَلَاثُونَ آيَةً [3334] قَوْلُهُ إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَخْطَأَ خَطِيئَةً وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا أَذْنَبَ ذَنْبًا نُكِتَتْ فِي قَلْبِهِ بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ مِنَ النَّكْتِ وَهُوَ فِي الْأَصْلِ أَنْ تَضْرِبَ فِي الْأَرْضِ بِقَضِيبٍ فَيُؤَثِّرَ فِيهَا نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ أَيْ جُعِلَتْ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ أَيْ أَثَرٌ قَلِيلٌ كَالنُّقْطَةِ شَبَهُ الوسخ في المرآة والسيف ونحوهما
وقال القارىء أَيْ كَقَطْرَةِ مِدَادٍ تَقْطُرُ فِي الْقِرْطَاسِ وَيَخْتَلِفُ عَلَى حَسَبِ الْمَعْصِيَةِ وَقَدْرِهَا وَالْحَمْلُ عَلَى الْحَقِيقَةِ أَوْلَى مِنْ جَعْلِهِ مِنْ بَابِ التَّمْثِيلِ وَالتَّشْبِيهِ حَيْثُ قِيلَ شَبَّهَ الْقَلْبَ بِثَوْبٍ فِي غَايَةِ النَّقَاءِ وَالْبَيَاضِ
وَالْمَعْصِيَةَ بِشَيْءٍ فِي غَايَةِ السَّوَادِ أَصَابَ ذَلِكَ الْأَبْيَضَ فَبِالضَّرُورَةِ أَنَّهُ يُذْهِبُ ذَلِكَ الْجَمَالَ مِنْهُ وَكَذَلِكَ الْإِنْسَانُ إِذَا أَصَابَ الْمَعْصِيَةَ صَارَ كَأَنَّهُ حَصَلَ ذَلِكَ السَّوَادُ فِي ذَلِكَ الْبَيَاضِ فَإِذَا هُوَ أَيِ الْعَبْدُ نَزَعَ أَيْ نَفْسَهُ عَنِ ارْتِكَابِ الْمَعَاصِي وَاسْتَغْفَرَ أَيْ سَأَلَ اللَّهَ الْمَغْفِرَةَ وَتَابَ أَيْ مِنَ الذَّنْبِ سُقِلَ قَلْبُهُ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ صُقِلَ بِالصَّادِ
قَالَ فِي الْقَامُوسِ السَّقَلُ الصَّقَلُ وَقَالَ فِيهِ صَقَلَهُ جَلَّاهُ انْتَهَى
وَالْمَعْنَى نَظَّفَ وَصَفَّى مِرْآةَ قَلْبِهِ لِأَنَّ التَّوْبَةَ بِمَنْزِلَةِ الْمِصْقَلَةِ تَمْحُو وَسَخَ الْقَلْبِ وَسَوَادَهُ حَقِيقِيًّا أَوْ تَمْثِيلِيًّا وَإِنْ عَادَ أَيِ الْعَبْدُ فِي الذَّنْبِ وَالْخَطِيئَةِ زِيدَ فِيهَا أَيْ فِي النُّكْتَةِ السَّوْدَاءِ حَتَّى تَعْلُوَ أَيِ لِلنَّكْتِ قَلْبَهُ أَيْ تُطْفِئَ نُورَ قَلْبِهِ فَتُعْمِيَ بَصِيرَتَهُ وَهُوَ الْأَثَرُ المستفنح الْمُسْتَعْلَى الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ أَيْ فِي كِتَابِهِ وَأَدْخَلَ اللَّامَ عَلَى رَانَ وَهُوَ فِعْلٌ إِمَّا لِقَصْدِ حِكَايَةِ اللَّفْظِ وَإِجْرَائِهِ مَجْرَى الِاسْمِ وَإِمَّا لِتَنْزِيلِهِ مَنْزِلَةَ الْمَصْدَرِ كَلَّا