أَيْ أَزَعَمَ أَنَّ الْمَعْبُودَ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ حَيْثُ قَالَ لَهُمْ قُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ أي عجيب وانطلق الملأ منهم أَيْ مِنْ مَجْلِسِ اجْتِمَاعِهِمْ عِنْدَ أَبِي طَالِبٍ وسماعهم من النبي قُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَنِ امْشُوا أَيْ يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ امْشُوا وَامْضُوا عَلَى مَا كُنْتُمْ عَلَيْهِ وَلَا تَدْخُلُوا فِي دِينِهِ واصبروا على آلهتكم أَيِ اثْبُتُوا عَلَى عِبَادَتِهَا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يراد أَيْ إِنَّ هَذَا الَّذِي يَدْعُونَا إِلَيْهِ مُحَمَّدٌ مِنَ التَّوْحِيدِ لَشَيْءٌ يُرِيدُ بِهِ الشَّرَفَ عَلَيْكُمْ والاستعلاء وأن يكون له منكم ابتاع وَلَسْنَا نُجِيبُهُ إِلَيْهِ مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق تَقَدَّمَ تَفْسِيرِهِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ وبن جرير وبن الْمُنْذِرِ
قَوْلُهُ (وَقَالَ) أَيِ الْأَعْمَشُ (يَحْيَى بْنُ عُمَارَةَ) يَحْيَى بْنُ عُمَارَةَ هَذَا هُوَ يَحْيَى بن عباد المذكور في الإسناد المتقدم قَوْلُهُ أَتَانِي اللَّيْلَةَ رَبِّي تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ الظَّاهِرُ أَنَّ إِتْيَانَهُ تَعَالَى كَانَ فِي الْمَنَامِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ الرَّاوِي أَحْسَبُهُ فِي الْمَنَامِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا حَدِيثُ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ الْآتِي فَفِيهِ فَنَعَسْتُ فِي صَلَاتِي فَاسْتَثْقَلْتُ فَإِذَا أَنَا بِرَبِّي تَبَارَكَ وتعالى في أحسن صورة
قال القارىء فِي الْمِرْقَاةِ إِذَا كَانَ هَذَا فِي الْمَنَامِ فَلَا إِشْكَالَ فِيهِ إِذِ الرَّائِي قَدْ يَرَى غَيْرَ الْمُتَشَكِّلِ مُتَشَكِّلًا وَالْمُتَشَكِّلَ بِغَيْرِ شَكْلِهِ ثُمَّ لَمْ يُعَدَّ ذَلِكَ بِخَلَلٍ فِي الرُّؤْيَا وَلَا فِي خَلَدِ الرَّائِي بَلْ لَهُ أَسْبَابٌ أُخَرُ تُذْكَرُ فِي عِلْمِ الْمَنَامِ أَيِ التَّعْبِيرِ وَلَوْلَا تِلْكَ الْأَسْبَابُ لَمَا افْتَقَرَتْ رُؤْيَا الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ إِلَى تَعْبِيرٍ وَإِنْ كَانَ فِي الْيَقَظَةِ وَعَلَيْهِ ظَاهِرُ مَا رَوَى أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فَإِنَّ فِيهِ فَنَعَسْتُ فِي صَلَاتِي حَتَّى اسْتَيْقَظْتُ فَإِذَا أَنَا بِرَبِّي عَزَّ وَجَلَّ فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ
الْحَدِيثَ فَذَهَبَ السَّلَفُ فِي أَمْثَالِ هَذَا الْحَدِيثِ إِذَا صَحَّ أَنْ يُؤْمَنَ بِظَاهِرِهِ وَلَا يُفَسَّرُ بِمَا يُفَسَّرُ بِهِ صِفَاتُ الْخَلْقِ بَلْ يُنْفَى عَنْهُ الْكَيْفِيَّةُ وَيُوَكَّلُ عِلْمُ بَاطِنِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّهُ يُرِي رَسُولَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ وَرَاءِ أَسْتَارِ الْغَيْبِ بِمَا لَا سَبِيلَ لِعُقُولِنَا إِلَى إِدْرَاكِهِ لَكِنْ تُرْكُ التَّأْوِيلِ فِي هَذَا الزَّمَانِ مَظِنَّةُ الْفِتْنَةِ فِي عَقَائِدِ النَّاسِ لِفُشُوِّ اعْتِقَادَاتِ الضَّلَالِ وَإِنْ تَأَوَّلَ بِمَا يُوَافِقُ الشَّرْعَ عَلَى وَجْهِ الِاحْتِمَالِ لَا الْقَطْعِ حَتَّى لَا يُحْمَلَ عَلَى مَا لَا يَجُوزُ شَرْعًا فَلَهُ وَجْهٌ فَقَوْلُهُ فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ رَأَيْتُ رَبِّي حَالَ كَوْنِي فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ وَصِفَةٍ مِنْ غَايَةِ إِنْعَامِهِ وَلُطْفِهِ عَلَيَّ
أَوْ حَالَ كَوْنِ