حَرْفِ السَّفِينَةِ) أَيْ عَلَى طَرَفِهَا (مَا نَقَصَ عِلْمِي وَعِلْمُكَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ) لَفْظُ النَّقْصِ ليس له ظَاهِرِهِ لِأَنَّ عِلْمَ اللَّهِ لَا يَدْخُلُهُ النَّقْصُ فَقِيلَ مَعْنَاهُ لَمْ يَأْخُذْ وَهَذَا تَوْجِيهٌ حَسَنٌ وَيَكُونُ التَّشْبِيهُ وَاقِعًا عَلَى الْأَخْذِ لَا عَلَى الْمَأْخُوذِ مِنْهُ وَأَحْسَنُ مِنْهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِلْمِ الْمَعْلُومُ بِدَلِيلِ دُخُولِ حَرْفِ التَّبْعِيضِ لِأَنَّ الْعِلْمَ الْقَائِمَ بِذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى صِفَةٌ قَائِمَةٌ لَا تَتَبَعَّضُ وَالْمَعْلُومُ هُوَ الَّذِي يَتَبَعَّضُ
وَقَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ الْمُرَادُ أَنَّ نَقْصَ الْعُصْفُورِ لَا يَنْقُصُ الْبَحْرَ بِهَذَا الْمَعْنَى وَهُوَ كَمَا قِيلَ وَلَا عَيْبَ فِيهِمْ غَيْرَ أَنَّ سُيُوفَهُمْ بِهِنَّ فُلُولٌ مِنْ قِرَاعِ الْكَتَائِبِ
أَيْ لَيْسَ فِيهِمْ عَيْبٌ
وَحَاصِلُهُ أَنَّ نَفْيَ النَّقْصِ أُطْلِقَ عَلَى سَبِيلِ الْمُبَالَغَةِ وَقِيلَ إِلَّا بِمَعْنَى وَلَا أَيْ وَلَا كَنَقْرَةِ هذا العصفور
وقد وقع في رواية بن جُرَيْجٍ بِلَفْظٍ أَحْسَنَ سِيَاقًا مِنْ هَذَا وَأَبْعَدَ إِشْكَالًا فَقَالَ مَا عِلْمِي وَعِلْمُكَ فِي جَنْبِ عِلْمِ اللَّهِ إِلَّا كَمَا أَخَذَ هَذَا الْعُصْفُورُ بِمِنْقَارِهِ مِنَ الْبَحْرِ وَهُوَ تَفْسِيرٌ لِلَّفْظِ الَّذِي وَقَعَ هُنَا كَذَا فِي الْفَتْحِ (يَقْرَأُ وَكَانَ أَمَامَهُمْ) وَالْقِرَاءَةُ الْمَشْهُورَةُ وَكَانَ وَرَاءَهُمْ (مَلِكٌ يَأْخُذُ كل سفينة صالحة) كذا كان يقرأ بن عَبَّاسٍ بِزِيَادَةِ صَالِحَةٍ بَعْدَ كُلَّ سَفِينَةٍ وَكَذَا كَانَ يَقْرَأُ أُبَيٌّ فَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ وَكَانَ أُبَيٌّ يَقْرَأُ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْبًا وَفِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ سُفْيَانَ وكان بن مَسْعُودٍ يَقْرَأُ كُلَّ سَفِينَةٍ صَحِيحَةٍ غَصْبًا (وَكَانَ يقرأ) أي بن عَبَّاسٍ (وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ كَافِرًا) وَالْقِرَاءَةُ الْمَشْهُورَةُ وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي مَوَاضِعَ فَوْقَ الْعَشَرَةِ وَمُسْلِمٌ فِي أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ وَالنَّسَائِيُّ (قَالَ أَبُو مُزَاحِمٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ) اسْمُهُ سباع بكسر السين المهملة بعدها