مَقْبُولَيْنِ (وَأَنَا آخِذٌ مِنْ حَالِ الْبَحْرِ) أَيْ طِينِهِ الْأَسْوَدِ (وَأَدُسُّهُ فِي فِيهِ) أَيْ أُدْخِلُهُ فِي فَمِهِ (مَخَافَةَ أَنْ تُدْرِكَهُ الرَّحْمَةُ) أَيْ خَشْيَةَ أَنْ يَقُولَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَتَنَالُهُ رَحْمَةُ اللَّهِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي مسنده وبن جرير وبن أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرِهِمَا كُلُّهُمْ مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عن يوسف بن مهران عن بن عَبَّاسٍ
قَوْلُهُ (ذَكَرَ أَحَدُهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يَعْنِي رَوَاهُ أَحَدُهُمَا مَرْفُوعًا وَلَمْ يَرْفَعْهُ الْآخَرُ وَضَمِيرُهُمَا رَاجِعٌ إِلَى عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ وَعَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ (فِي فِيِّ فِرْعَوْنَ) أَيْ فِي فَمِهِ أَوْ خَشْيَةَ أَنْ يَرْحَمَهُ أَوْ لِلشَّكِّ مِنَ الرَّاوِي
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ الطيالسي وبن جَرِيرٍ كِلَاهُمَا مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ وَعَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ سَعِيدِ بن جبير عن بن عَبَّاسٍ
تَنْبِيهٌ اعلم أَنَّ الْخَازِنَ ذَكَرَ فِي تفسيره ها هنا فَصْلَيْنِ لِدَفْعِ الْإِشْكَالِ الَّذِي يَرِدُ عَلَى حَدِيثِ بن عَبَّاسٍ الْمَذْكُورِ فَلَنَا أَنْ نَذْكُرَهُمَا قَالَ فَصْلٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ لِأَنَّهُ فِي الظَّاهِرِ مُشْكِلٌ فَيَحْتَاجُ إِلَى بَيَانٍ وَإِيضَاحٍ فَنَقُولُ قَدْ وَرَدَ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى طَرِيقَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ عن بن عباس ففي الطريق الأول عن بن زَيْدِ بْنِ جَدْعَانَ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ قَدْ ضَعَّفَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ فَإِنَّهُ كَانَ شيخا نبيلا صدوقا ولكنه كان سيء الحفظ ويغلط وقد احتمل الناس حديثه
وإنما يُخْشَى مِنْ حَدِيثِهِ إِذَا لَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ أَوْ خَالَفَهُ فِيهِ الثِّقَاتُ وَكِلَاهُمَا مُنْتَفٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لِأَنَّ فِي الطَّرِيقِ الْآخَرِ شُعْبَةُ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ
وَهَذَا الْحَدِيثُ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَرَوَاهُ أَيْضًا شُعْبَةُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ ثِقَةٌ قَدْ أَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ فَهُوَ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَإِنْ كَانَ عَطَاءٌ قَدْ تُكُلِّمَ فِيهِ مِنْ قِبَلِ اخْتِلَاطِهِ فَإِنَّمَا يُخَافُ مَا انْفَرَدَ بِهِ أَوْ خُولِفَ فِيهِ وَكِلَاهُمَا مُنْتَفٍ فَقَدْ عُلِمَ بِهَذَا أَنَّ لِهَذَا الْحَدِيثِ أَصْلًا وَأَنَّ رواته