قال الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ بَعْدَ نَقْلِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ التِّرْمِذِيِّ وَلَهُ شَاهِدٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ بِدُونِ ذِكْرِ نُزُولِ الْآيَةِ انْتَهَى
قُلْتُ رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ وَهَبَتْ يَوْمَهَا لِعَائِشَةَ وَكَانَ النبي يَقْسِمُ لِعَائِشَةَ بِيَوْمِهَا وَيَوْمِ سَوْدَةَ
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ عُقْبَةَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ هِشَامٍ
لَمَّا أَنْ كَبِرَتْ سَوْدَةُ وَهَبَتْ وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ هَذَا الْحَدِيثَ وَزَادَ فِيهِ بَيَانَ سَبَبِهِ أَوْضَحَ مِنْ رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَرَوَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ هشام بْنِ عُرْوَةَ بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ
وَكَانَ رسول الله لَا يُفَضِّلُ بَعْضَنَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْقَسْمِ الْحَدِيثَ وَفِيهِ وَلَقَدْ قَالَتْ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ حِينَ أَسَنَّتْ وَخَافَتْ أَنْ يُفَارِقَهَا رَسُولُ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ يَوْمِي لِعَائِشَةَ فَقِبَلَ ذَلِكَ مِنْهَا فَفِيهَا وَأَشْبَاهِهَا نَزَلَتْ وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ من بعلها نشوزا الْآيَةَ (إِلَى أَنْ قَالَ) فَتَوَارَدَتْ هَذِهِ الرِّوَايَاتُ على أنها خشيت الطلاق فوهبت
وأخرج بن سَعْدٍ بِسَنَدٍ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ مِنْ رِوَايَةِ الْقَاسِمِ بن أبي بزة مرسلا أن النبي طَلَّقَهَا فَقَعَدَتْ عَلَى طَرِيقِهِ فَقَالَتْ وَالَّذِي بَعَثَكَ بالحق مالي فِي الرِّجَالِ حَاجَةٌ وَلَكِنْ أُحِبُّ أَنْ أُبْعَثَ مَعَ نِسَائِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَنْشُدُكَ بِاَلَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ هَلْ طَلَّقْتَنِي لِمَوْجِدَةٍ وَجَدْتَهَا عَلَيَّ قَالَ لَا قَالَتْ فَأَنْشُدُكَ لَمَا رَاجَعْتنِي فَرَاجَعَهَا قَالَتْ فَإِنِّي قَدْ جَعَلْتُ يَوْمِي وَلَيْلَتِي لِعَائِشَةَ حبة رسول الله انتهى
قلت رواية بن سَعْدٍ هَذِهِ مُرْسَلَةٌ فَهِيَ لَا تُقَاوِمُ حَدِيثَ بن عَبَّاسٍ وَمَا وَافَقَهُ فِي أَنَّ سَوْدَةَ خَشِيَتِ الطَّلَاقَ فَوَهَبَتْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا مِنَ الْإِصْلَاحِ وَهِيَ قِرَاءَةُ الْكُوفِيِّينَ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ أَنْ يَصَّالَحَا مِنَ التَّصَالُحِ وَهِيَ قِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ وَالْآيَةُ بِتَمَامِهَا مَعَ تَفْسِيرِهَا هَكَذَا وَإِنِ امْرَأَةٌ مَرْفُوعٌ بِفِعْلٍ يُفَسِّرُهُ خَافَتْ تَوَقَّعَتْ مِنْ بَعْلِهَا زَوْجِهَا نُشُوزًا تَرَفُّعًا عَلَيْهَا بِتَرْكِ مُضَاجَعَتِهَا وَالتَّقْصِيرِ فِي نَفَقَتِهَا لِبُغْضِهَا وَطُمُوحِ عَيْنَيْهِ إِلَى أَجْمَلَ مِنْهَا أَوْ إِعْرَاضًا عَنْهَا بِوَجْهِهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَصَّالَحَا فِيهِ إِدْغَامُ التَّاءِ فِي الْأَصْلِ فِي الصَّادِ وَفِي قِرَاءَةٍ يُصْلِحَا مِنْ أَصْلَحَ بَيْنَهُمَا صُلْحًا فِي الْقَسْمِ وَالنَّفَقَةِ بِأَنْ يَتْرُكَ لَهَا شَيْئًا لِبَقَاءِ الصُّحْبَةِ فَإِنْ رَضِيَتْ بِذَلِكَ وَإِلَّا فَعَلَى الزَّوْجِ أَنْ يُوَفِّيَهَا حَقَّهَا أَوْ يُفَارِقَهَا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ مِنَ الْفُرْقَةِ وَالنُّشُوزِ وَالْإِعْرَاضِ
قَالَ تَعَالَى فِي بَيَانِ مَا جبل عليه الإنسان وأحضرت الأنفس الشح شِدَّةَ الْبُخْلِ أَيْ جُبِلَتْ عَلَيْهِ فَكَأَنَّهَا حَاضِرَتُهُ لَا تَغِيبُ عَنْهُ
الْمَعْنَى أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَكَادُ تَسْمَحُ بِنَصِيبِهَا مِنْ زَوْجِهَا وَالرَّجُلُ لَا يَكَادُ يَسْمَحُ عَلَيْهَا بِنَفْسِهِ إِذَا أَحَبَّ غَيْرَهَا وَإِنْ تُحْسِنُوا عِشْرَةَ النِّسَاءِ وَتَتَّقُوا الْجَوْرَ عَلَيْهِنَّ فإن الله كان بما تعملون خبيرا