أَنَّهُ أَتَاهَا بِتَمْرٍ فَقَالَ اسْتَبْدِلِي بِهِ طَحِينًا وَاجْعَلِيهِ سَخِينًا فَإِنَّ التَّمْرَ أَحْرَقَ جَوْفِي وَفِيهِ لَعَلِّي آكُلُهُ سُخْنًا وَأَنَّهَا اسْتَبْدَلَتْهُ لَهُ وَصَنَعَتْهُ (وَكَانَ يَوْمَهُ) بِالنَّصْبِ (يَعْمَلُ) أَيْ فِي أَرْضِهِ وصرح بها أبو داود وفي رِوَايَتِهِ وَفِي مُرْسَلِ السُّدِّيِّ كَانَ يَعْمَلُ فِي حِيطَانِ الْمَدِينَةِ بِالْأُجْرَةِ
فَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ فِي أَرْضِهِ إِضَافَةُ اخْتِصَاصٍ (فَغَلَبَتْهُ عَيْنُهُ) أَيْ نَامَ (قَالَتْ خَيْبَةً لَكَ) بِالنَّصْبِ وَهُوَ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ مَحْذُوفُ الْعَامِلِ وَقِيلَ إِذَا كَانَ بِغَيْرِ لَامٍ يَجِبُ نَصْبُهُ وَإِلَّا جَازَ وَالْخَيْبَةُ الْحِرْمَانُ يُقَالُ خَابَ يَخِيبُ إِذَا لَمْ يَنَلْ مَا طَلَبَ (فذكر ذلك للنبي) زَادَ فِي رِوَايَةِ زَكَرِيَّا عِنْدَ أَبِي الشَّيْخِ وَأَتَى عُمَرُ اَمْرَأَتَهُ وَقَدْ نَامَتْ فَذَكَرَ ذَلِكَ للنبي فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرفث إلى نسائكم فَفَرِحُوا بِهَا فَرَحًا شَدِيدًا وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمِ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ كَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَشَرَحَ الْكَرْمَانِيُّ عَلَى ظَاهِرِهَا فَقَالَ لَمَّا صَارَ الرَّفَثُ وَهُوَ الْجِمَاعُ هُنَا حَلَالًا بَعْدَ أَنْ كَانَ حَرَامًا كَانَ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى فَلِذَلِكَ فَرِحُوا بِنُزُولِهَا وَفَهِمُوا مِنْهَا الرُّخْصَةَ هَذَا وَجْهُ مُطَابَقَةِ ذَلِكَ لِقِصَّةِ أَبِي قَيْسٍ
قَالَ ثُمَّ لَمَّا كَانَ حِلُّهُمَا بِطَرِيقِ الْمَفْهُومِ نَزَلَ بَعْدَ ذَلِكَ (وَكُلُوا واشربوا) لِيُعْلَمَ بِالْمَنْطُوقِ تَسْهِيلُ الْأَمْرِ عَلَيْهِمْ صَرِيحًا ثُمَّ قَالَ أَوِ الْمُرَادُ مِنَ الْآيَةِ هِيَ بِتَمَامِهَا
قَالَ الْحَافِظُ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَبِهِ جَزَمَ السُّهُيْلِيُّ وَقَالَ إِنَّ الْآيَةَ بِتَمَامِهَا نَزَلَتْ فِي الْأَمْرَيْنِ مَعًا وَقُدِّمَ مَا يَتَعَلَّقُ بِعُمَرَ لِفَضْلِهِ قَالَ الْحَافِظُ قَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي داود فنزلت أحل لكم ليلة الصيام إلى قوله من الفجر فَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ مَحَلَّ قَوْلِهِ فَفَرِحُوا بِهَا بَعْدَ قَوْلِهِ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ وَقَعَ ذَلِكَ صَرِيحًا فِي رِوَايَةِ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ وَلَفْظُهُ فنزلت أحل لكم إلى قوله من الفجر فَفَرِحَ الْمُسْلِمُونَ بِذَلِكَ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ
قَوْلُهُ (عَنْ ذَرٍّ) بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَشِدَّةِ راء هو بن عَبْدِ اللَّهِ الْمُرْهِبِيُّ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الرَّاءِ ثِقَةٌ عَابِدٌ رُمِيَ بِالْإِرْجَاءِ مِنَ السَّادِسَةِ (عَنْ يُسَيِّعَ الْكِنْدِيِّ) قَالَ فِي التَّقْرِيبِ يُسَيِّعُ بْنُ مَعْدَانَ الْحَضْرَمِيُّ الْكُوفِيُّ وَيُقَالُ لَهُ أُسَيِّعُ ثِقَةٌ مِنَ الثَّالِثَةِ انْتَهَى قُلْتُ يُسَيِّعُ هَذَا بِضَمِّ التَّحْتَانِيَّةِ وَفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ مُصَغَّرًا وَيُقَالُ لَهُ
أُسَيِّعُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ بَدَلَ التَّحْتَانِيَّةِ
قَوْلُهُ (هُوَ الْعِبَادَةُ) أَيْ هُوَ الْعِبَادَةُ الْحَقِيقِيَّةُ الَّتِي تَسْتَأْهِلُ أَنْ تُسَمَّى عِبَادَةً لِدَلَالَتِهِ عَلَى الْإِقْبَالِ عَلَى اللَّهِ وَالْإِعْرَاضِ عَمَّا سِوَاهُ بِحَيْثُ لَا يَرْجُو وَلَا يَخَافُ إِلَّا إِيَّاهُ (وَقَرَأَ) أَيِ النَّبِيُّ (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم قلت يسيع هذا بضم التحتانية وفتح