تحفه الاحوذي (صفحة 3906)

سُدَّ عَنْهُ مَدَاخِلُ الْأَنْفَاسِ فَإِذَا فُرِّجَ عَنْهُ فُتِحَتْ وَالْمُرَادُ مِنْ أَخِيهِ أَخُوهُ فِي الْإِيمَانِ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ (نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ) لَمَّا كَانَ الْخَلْقُ كُلُّهُمْ عِيَالَ اللَّهِ وَتَنْفِيسُ الْكُرَبِ إِحْسَانٌ فَجَزَاهُ اللَّهُ جَزَاءً وِفَاقًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} (وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا) أَيْ فِي قَبِيحٍ يَفْعَلُهُ فَلَا يَفْضَحُهُ أَوْ كَسَاهُ ثَوْبًا (سَتَرَهُ اللَّهُ) أَيْ عُيُوبَهُ أَوْ عَوْرَتَهُ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَوَاهُ مسلم في حديث بن عمر وأما الستر المندوب إليه هنا فَالْمُرَادُ بِهِ السَّتْرُ عَلَى ذَوِي الْهَيْئَاتِ وَنَحْوِهِمْ مِمَّنْ لَيْسَ هُوَ مَعْرُوفًا بِالْأَذَى وَالْفَسَادِ فَأَمَّا الْمَعْرُوفُ بِذَلِكَ فَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَسْتُرَ عَلَيْهِ بَلْ يَرْفَعُ قَضِيَّتَهُ إِلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ إِنْ لَمْ يَخَفْ مِنْ ذَلِكَ مَفْسَدَةً لِأَنَّ السَّتْرَ عَلَى هَذَا يُطْمِعُهُ فِي الْإِيذَاءِ وَالْفَسَادِ وَانْتِهَاكِ الْحُرُمَاتِ وَجَسَارَةِ غَيْرِهِ عَلَى مِثْلِ فِعْلِهِ هَذَا كُلُّهُ فِي سَتْرِ مَعْصِيَةٍ وَقَعَتْ وَانْقَضَتْ أَمَّا مَعْصِيَةٌ رَآهُ عَلَيْهَا وَهُوَ بَعْدُ مُتَلَبِّسٌ بِهَا فَتَجِبُ الْمُبَادَرَةُ بِإِنْكَارِهَا عَلَيْهِ وَمَنْعُهُ مِنْهَا عَلَى مَنْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يَحِلُّ تَأْخِيرُهَا فَإِنْ عَجَزَ لَزِمَ رَفْعُهَا إِلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ إِذَا لَمْ تَتَرَتَّبْ عَلَى ذَلِكَ مَفْسَدَةٌ انْتَهَى (وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ) أَيْ سَهَّلَ عَلَى فَقِيرٍ وَهُوَ يَشْمَلُ الْمُؤْمِنَ وَالْكَافِرَ أَيْ مَنْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى فَقِيرٍ فَسَهَّلَ عَلَيْهِ بِإِمْهَالٍ أَوْ بِتَرْكِ بَعْضِهِ أَوْ كُلِّهِ (يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ) بَدَلَ تَيْسِيرِهِ عَلَى عَبْدِهِ مُجَازَاةً بِجِنْسِهِ (واللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ) الْوَاوُ لِلِاسْتِئْنَافِ وَهُوَ تَذْيِيلٌ لِلْكَلَامِ السَّابِقِ (مَا كَانَ الْعَبْدُ) أَيْ مَا دَامَ كَانَ (فِي عَوْنِ أَخِيهِ) أَيْ فِي قَضَاءِ حَاجَتِهِ (وَمَنْ سَلَكَ) أَيْ دَخَلَ أَوْ مَشَى (طَرِيقًا) أَيْ قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا قِيلَ التَّنْوِينُ لِلتَّعْمِيمِ إِذِ النَّكِرَةُ فِي الْإِثْبَاتِ قَدْ تُفِيدُ الْعُمُومَ (يَلْتَمِسُ فِيهِ) حَالٌ أو صفة (علما) نكره ليشمل كل نوع مِنْ أَنْوَاعِ عُلُومِ الدِّينِ قَلِيلَةً أَوْ كَثِيرَةً (سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ) زَادَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ بِهِ أَيْ بِذَلِكَ السُّلُوكِ أَوِ الِالْتِمَاسِ (طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) أَيْ طَرِيقًا مُوَصِّلًا إِلَى الْجَنَّةِ مَعَ قَطْعِ الْعَقَبَاتِ الشَّاقَّةِ دُونَهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ (وَمَا قَعَدَ قَوْمٌ فِي مَسْجِدٍ) وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ (يَتْلُونَ) حَالٌ مِنْ قَوْمٌ (كِتَابَ اللَّهِ) أَيِ الْقُرْآنَ (وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ) التَّدَارُسُ قِرَاءَةُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ تصحيحا لألفاظه أو كشفا لمعانيه قاله بن الْمَلَكِ وَقَالَ الْجَزَرِيُّ فِي النِّهَايَةِ تَدَارَسُوا الْقُرْآنَ أي اقرؤوه وتعهدوه لئلا تنسوه يقال درس يدرس ودراسة وَأَصْلُ الدِّرَاسَةِ الرِّيَاضَةُ وَالتَّعَهُّدُ لِلشَّيْءِ انْتَهَى وَقَالَ القارىء فِي الْمِرْقَاةِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالتَّدَارُسِ الْمُدَارَسَةَ الْمَعْرُوفَةَ بِأَنْ يَقْرَأَ بَعْضُهُمْ عَشْرًا مَثَلًا وَبَعْضُهُمْ عَشْرًا آخَرَ وَهَكَذَا فَيَكُونَ أَخَصَّ مِنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015