قَوْلُهُ (مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ سَمَاءٍ وَلَا أَرْضٍ أَعْظَمَ مِنْ آيَةِ الْكُرْسِيِّ) فَإِنَّهَا جَمَعَتْ أُصُولَ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ مِنَ الْإِلَهِيَّةِ وَالْوَحْدَانِيَّةِ وَالْحَيَاةِ وَالْعِلْمِ وَالْقَيُّومَةِ وَالْمُلْكِ وَالْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ فَهَذِهِ أُصُولُ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ (قَالَ سُفْيَانُ لِأَنَّ آيَةَ الْكُرْسِيِّ هُوَ كَلَامُ اللَّهِ وَكَلَامُ اللَّهِ أَعْظَمُ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) وَفِي قَوْلِ سُفْيَانَ هَذَا نَظَرٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنْ لَا تَكُونَ هَذِهِ الْفَضِيلَةُ مُخْتَصَّةً بِآيَةِ الْكُرْسِيِّ بَلْ تَعُمُّ كُلَّ آيَةٍ مِنْ آيِ الْقُرْآنِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى
قَوْلُهُ (أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ) هُوَ الطَّيَالِسِيُّ (عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ) هُوَ السَّبِيعِيُّ
قَوْلُهُ (إِذْ رَأَى دَابَّتَهُ) أَيْ فَرَسَهُ (تَرْكُضُ) مِنَ الرَّكْضِ وَهُوَ تحريك
الرجل ومنه أركض برجلك (فَنَظَرَ) أَيِ الرَّجُلُ (فَإِذَا مِثْلُ الْغَمَامَةِ أَوِ السَّحَابَةِ) الظَّاهِرُ أَنَّ أَوْ لِلشَّكِّ مِنَ الرَّاوِي (فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ كَانَ رَجُلٌ يَقْرَأُ سُورَةَ الْكَهْفِ وَإِلَى جَانِبِهِ حِصَانٌ مَرْبُوطٌ بِشَطَنَيْنِ فَتَغَشَّتْهُ سَحَابَةٌ فَجَعَلَتْ تَدْنُو وَتَدْنُو وَجَعَلَ فَرَسُهُ يَنْفِرُ فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تلك السكينة قال القارىء أَيِ السُّكُونُ وَالطُّمَأْنِينَةُ الَّتِي يَطْمَئِنُّ إِلَيْهَا الْقَلْبُ وَيَسْكُنُ بِهَا عَنِ الرُّعْبِ
قَالَ الطِّيبِيُّ فَإِنَّ المؤمن تزداد طمأنينه بِأَمْثَالِ هَذِهِ الْآيَاتِ إِذَا كُوشِفَ بِهَا
وَقِيلَ هِيَ الرَّحْمَةُ وَقِيلَ الْوَقَارُ وَقِيلَ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ انْتَهَى
وَقَالَ النَّوَوِيُّ الْمُخْتَارُ أَنَّهَا شَيْءٌ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ فِيهِ طُمَأْنِينَةٌ وَرَحْمَةٌ وَمَعَهُ الْمَلَائِكَةُ (نَزَلَتْ مَعَ الْقُرْآنِ أَوْ نَزَلَتْ عَلَى الْقُرْآنِ) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ تَنَزَّلَتْ بِالْقُرْآنِ