يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ إِخْبَارًا أَوْ دُعَاءً وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ فَاسْتَغْنَى فَاسْتَغْنَى اللَّهُ عَنْهُ
وَهَذَا يُرَشِّحُ كَوْنَهُ خَبَرًا وَإِطْلَاقُ الْإِعْرَاضِ وَغَيْرِهِ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى سَبِيلِ الْمُقَابَلَةِ وَالْمُشَاكَلَةِ فَيُحْمَلُ كُلُّ لَفْظٍ مِنْهَا عَلَى مَا يَلِيقُ بِجَلَالِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى
وَفَائِدَةُ إِطْلَاقِ ذَلِكَ بَيَانُ الشَّيْءِ بِطَرِيقٍ وَاضِحٍ انْتَهَى
وَفِي الْحَدِيثِ اسْتِحْبَابُ جُلُوسِ الْعَالِمِ لِأَصْحَابِهِ وَغَيْرِهِمْ فِي مَوْضِعٍ بَارِزٍ ظَاهِرٍ لِلنَّاسِ وَالْمَسْجِدُ أَفْضَلُ فَيُذَاكِرُهُمُ الْعِلْمَ وَالْخَيْرَ
وَفِيهِ جَوَازُ حَلَقِ الْعِلْمِ وَالذِّكْرِ فِي الْمَسْجِدِ وَاسْتِحْبَابُ دُخُولِهَا وَمُجَالَسَةُ أَهْلِهَا وَكَرَاهَةُ الِانْصِرَافِ عَنْهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَاسْتِحْبَابُ الْقُرْبِ مِنْ كَبِيرِ الْحَلْقَةِ لِيَسْمَعَ كَلَامَهُ سَمَاعًا بَيِّنًا وَيَتَأَدَّبَ بِأَدَبِهِ وَأَنَّ قَاصِدَ الْحَلْقَةِ إِنْ رَأَى فرجة دَخَلَ فِيهَا وَإِلَّا جَلَسَ وَرَاءَهُمْ وَفِيهِ الثَّنَاءُ عَلَى مَنْ فَعَلَ جَمِيلًا فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَثْنَى عَلَى الِاثْنَيْنِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَأَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا فَعَلَ قَبِيحًا وَمَذْمُومًا وَبَاحَ بِهِ جَازَ أَنْ يُنْسَبَ إِلَيْهِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْعِلْمِ وَفِي الصَّلَاةِ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي كِتَابِ السَّلَامِ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِي الْعِلْمِ
[2725] قَوْلُهُ (كُنَّا إِذَا أَتَيْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَيْ مَجْلِسَهُ الشَّرِيفَ (جَلَسَ أَحَدُنَا حَيْثُ يَنْتَهِي) أَيْ هُوَ إِلَيْهِ مِنَ الْمَجْلِسِ أَوْ حَيْثُ يَنْتَهِي الْمَجْلِسُ إِلَيْهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَتَقَدَّمُ على أحد من حضارة نأدبا وَتَرْكًا لِلتَّكَلُّفِ وَمُخَالَفَةً لِحَظِّ النَّفْسِ مِنْ طَلَبِ الْعُلُوِّ كَمَا هُوَ شَأْنُ أَرْبَابِ الْجَاهِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ
[2726] قَوْلُهُ (وَلَمْ يَسْمَعْهُ مِنْهُ) أَيْ لَمْ يَسْمَعْ أَبُو إِسْحَاقَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنَ الْبَرَاءِ (إِنْ كُنْتُمْ لَا بُدَّ