الطِّيبِيُّ فِي تَكْرِيرِ كَلِمَةِ التَّنْبِيهِ تَوْبِيخٌ وَتَقْرِيعٌ نَشَأَ مِنْ غَضَبٍ عَظِيمٍ عَلَى مَنْ تَرَكَ السُّنَّةَ وَالْعَمَلَ بِالْحَدِيثِ اسْتِغْنَاءً بِالْكِتَابِ فَكَيْفَ بِمَنْ رجح الرأي على الحديث انتهى قال القارىء لِذَا رَجَّحَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ الْحَدِيثَ وَلَوْ ضَعِيفًا عَلَى الرَّأْيِ وَلَوْ قَوِيًّا انْتَهَى (فَيَقُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ فَمَا وَجَدْنَا فِيهِ حَلَالًا اسْتَحْلَلْنَاهُ وَمَا وَجَدْنَا فِيهِ حَرَامًا حَرَّمْنَاهُ
وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْقُرْآنِ فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلَالٍ فَأَحِلُّوهُ وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ (وَإِنَّ) هَذَا ابْتِدَاءُ الْكَلَامِ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْوَاوُ لِلْحَالِ وَفِيهِ الْتِفَاتٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِ الرَّاوِي وَهُوَ بَعِيدٌ (مَا حَرَّمَ) قَالَ الْأَبْهَرِيُّ مَا مَوْصُولَةٌ مَعْنًى مَفْصُولَةٌ لَفْظًا أَيِ الَّذِي حَرَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ (كَمَا حَرَّمَ اللَّهُ) أَيْ فِي الْقُرْآنِ وَفِي الِاقْتِصَارِ عَلَى التَّحْرِيمِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ التَّحْلِيلِ إِشَارَةٌ إِلَى أن الأصل في الأشياء إباحتها
وقال بن حَجَرٍ أَيْ مَا حَرَّمَ وَأَحَلَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا حَرَّمَ وَأَحَلَّ اللَّهُ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وبن مَاجَهْ وَالدَّارِمِيُّ
[2665] قَوْلُهُ (عَنْ أَبِيهِ) هُوَ أَسْلَمُ الْعَدَوِيُّ مَوْلَى عُمَرَ مُخَضْرَمٌ مَاتَ سَنَةَ ثَمَانِينَ وقيل بعد سنة ستين وهو بن أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَمِائَةِ سَنَةٍ
قَوْلُهُ (اسْتَأْذَنَّا) أَيْ طَلَبْنَا الْإِذْنَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فِي الْكِتَابَةِ) أَيْ فِي كِتَابَةِ أَحَادِيثِهِ (فَلَمْ يَأْذَنْ لَنَا) فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى مَنْعِ كِتَابَةِ الْأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ وَرَوَى مُسْلِمٌ هَذَا الْحَدِيثَ بِلَفْظِ لَا تَكْتُبُوا عَنِّي شَيْئًا غَيْرَ الْقُرْآنِ
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي ذَلِكَ عَمَلًا وَتَرْكًا وَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ اسْتَقَرَّ وَالْإِجْمَاعُ انْعَقَدَ عَلَى جَوَازِ كِتَابَةِ الْعِلْمِ بَلْ عَلَى اسْتِحْبَابِهِ بَلْ لَا يَبْعُدُ وُجُوبُهُ عَلَى مَنْ خَشِيَ النِّسْيَانَ مِمَّنْ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ تَبْلِيغُ الْعِلْم انتهى