تحفه الاحوذي (صفحة 3543)

هُوَ بِتَقْدِيمِ الْقَافِ عَلَى الْفَاءِ مَعْنَاهُ يَطْلُبُونَهُ وَيَتَتَبَّعُونَهُ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ

وَقِيلَ مَعْنَاهُ يَجْمَعُونَهُ ورواه بعض شيوخ المغاربة من طريق بن مَاهَانَ يَتَفَقَّرُونَ بِتَقْدِيمِ الْفَاءِ وَهُوَ صَحِيحٌ أَيْضًا معناه يبحثون على غمضة وَيَسْتَخْرِجُونَ خَفِيَّهُ

وَرُوِيَ فِي غَيْرِ مُسْلِمٍ يَتَقَفَّوْنَ بِتَقْدِيمِ الْقَافِ وَحَذْفِ الرَّاءِ وَهُوَ صَحِيحٌ أَيْضًا وَمَعْنَاهُ أَيْضًا يَتَتَبَّعُونَ (وَيَزْعُمُونَ أَنْ لَا قَدَرَ وَأَنَّ الْأَمْرَ أُنُفٌ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالنُّونِ أَيْ مُسْتَأْنَفٌ لَمْ يَسْبِقْ بِهِ قَدَرٌ وَلَا عِلْمٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنَّمَا يَعْلَمُهُ بَعْدَ وُقُوعِهِ

وَهَذَا الْقَوْلُ قَوْلُ غُلَاتِهِمْ وَلَيْسَ قَوْلَ جَمِيعِ الْقَدَرِيَّةِ وَكَذَبَ قَائِلُهُ وَضَلَّ وَافْتَرَى عَافَانَا اللَّهُ وسائر المسلمين (قال) أي بن عُمَرَ (إِنِّي مِنْهُمْ بَرِيءٌ وَأَنَّهُمْ مِنِّي بُرَآءُ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ جَمْعُ بَرِيءٍ كَحَكِيمِ وَحُكَمَاءَ وَأَصْلُ الْبَرَاءَةِ الِانْفِصَالُ مِنَ الشَّيْءِ

وَالْمَعْنَى أَنِّي لَسْتُ مِنْهُمْ وَهُمْ لَيْسُوا مِنِّي (وَالَّذِي يَحْلِفُ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ أَنْفَقَ) يَعْنِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى أَيْ طَاعَتِهِ كَمَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى (مَا قُبِلَ ذَلِكَ مِنْهُ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ) (خَيْرِهِ وشره) قال النووي هذا الذي قاله بن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ظَاهِرٌ فِي تَكْفِيرِ الْقَدَرِيَّةِ

قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هَذَا فِي الْقَدَرِيَّةِ الْأُولَى الَّذِينَ نَفَوْا تَقَدُّمَ عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْكَائِنَاتِ

وَقَالَ وَالْقَائِلُ بِهَذَا كَافِرٌ بِلَا خِلَافٍ

وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُنْكِرُونَ الْقَدَرَ هُمُ الْفَلَاسِفَةُ فِي الْحَقِيقَةِ

قَالَ غَيْرُهُ وَيَجُوزُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهَذَا الْكَلَامِ التَّكْفِيرَ الْمُخْرِجَ مِنَ الْمِلَّةِ فَيَكُونُ مِنْ قَبِيلِ كُفْرَانِ النِّعَمِ إِلَّا أَنَّ قَوْلَهُ (مَا قَبِلَهُ اللَّهُ مِنْهُ) ظَاهِرٌ فِي التَّكْفِيرِ فَإِنَّ إِحْبَاطَ الْأَعْمَالِ إِنَّمَا يَكُونُ بِالْكُفْرِ إِلَّا أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ فِي الْمُسْلِمِ لَا يُقْبَلُ عَمَلُهُ بِمَعْصِيَةٍ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا كَمَا أَنَّ الصَّلَاةَ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ صَحِيحَةٌ

غَيْرُ مُحْوِجَةٍ إِلَى الْقَضَاءِ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ بَلْ بِإِجْمَاعِ السَّلَفِ وَهِيَ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ فَلَا ثَوَابَ فِيهَا عَلَى الْمُخْتَارِ عَنْ أَصْحَابِنَا انْتَهَى (ثُمَّ أنشأ يحدث) أي جعل يحدث بن عُمَرَ (شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعْرِ) بِإِضَافَةِ شَدِيدُ إِلَى مَا بَعْدَهُ إِضَافَةٌ لَفْظِيَّةٌ مُقَيِّدَةٌ لِلتَّخْفِيفِ فَقَطْ صِفَةُ رَجُلٍ وَاللَّامُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ عِوَضٌ عَنِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ الْعَائِدِ إِلَى الرَّجُلِ أَيْ شَدِيدُ بَيَاضِ ثِيَابِهِ شَدِيدُ سَوَادِ شَعْرِهِ (لَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ) رُوِيَ بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ الْغَائِبِ وَرَفْعِ الْأَثَرِ وَهُوَ رِوَايَةُ الْأَكْثَرِ وَالْأَشْهَرِ

وَرُوِيَ بِصِيغَةِ الْمُتَكَلِّمِ الْمَعْلُومِ وَنَصْبِ الْأَثَرِ وَالْجُمْلَةُ حَالٌ مِنْ رَجُلٍ أَوْ صِفَةٌ لَهُ وَالْمُرَادُ بِالْأَثَرِ ظُهُورُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015