(وَهَذِهِ الْخُطُوطُ) أَيِ الصِّغَارُ (عُرُوضُهُ) أَيِ الْآفَاتُ والعاهات من المرض والجوع والعطش وغيره (إِنْ نَجَا مِنْهُ يَنْهَشُهُ هَذَا) أَيْ إِنْ تَجَاوَزَ عَنْهُ الْعَرَضُ يَلْدَغُهُ هَذَا الْعَرَضُ الْآخَرُ وَعَبَّرَ عَنْ عُرُوضِ الْآفَةِ بِالنَّهْشِ وَهُوَ لَدْغُ ذَاتِ السُّمِّ مُبَالَغَةً فِي الْإِصَابَةِ وَتَأَلُّمِ الْإِنْسَانِ بِهَا (وَالْخَطُّ الْخَارِجُ) أَيْ عَنِ الْمُرَبَّعِ (الْأَمَلُ) أَيْ مَأْمُولُهُ وَمَرْجُوُّهُ الَّذِي يَظُنُّ أَنَّهُ يُدْرِكُهُ قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِهِ هَذَا خَطَأً مِنْهُ لِأَنَّ أَمَلَهُ طَوِيلٌ لَا يَفْرَغُ مِنْهُ وَأَجَلُهُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْهُ وَفِي الْحَدِيثِ إِشَارَةٌ إِلَى الْحَضِّ عَلَى قَصْرِ الْأَمَلِ وَالِاسْتِعْدَادِ لِبَغْتَةِ الْأَجَلِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ
[2455] قَوْلُهُ (يَهْرَمُ) بِفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ يَشِيبُ كَمَا فِي رِوَايَةٍ وَالْمَعْنَى يَضْعُفُ (وَيَشِبُّ) بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ يَنْمُو وَيَقْوَى (مِنْهُ) أَيْ مِنْ أَخْلَاقِهِ فَفِي التَّاجِ لِلْبَيْهَقِيِّ وَكَذَا فِي الْقَامُوسِ أَنَّ الْهَرَمَ كِبَرُ السِّنِّ مِنْ بَابِ عَلِمَ وَشَبَّ شَبَابًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ (الْحِرْصُ عَلَى الْمَالِ) أَيْ جَمْعِهِ وَمَنْعِهِ (وَالْحِرْصُ عَلَى الْعُمُرِ) أَيْ طُولِهِ
قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَوْلُهُ تَشِبُّ اسْتِعَارَةٌ وَمَعْنَاهُ أَنَّ قَلْبَ الشَّيْخِ كَامِلُ الْحُبِّ لِلْمَالِ مُحْتَكِمٌ فِي ذَلِكَ مِثْلَ إِحْكَامِ قُوَّةِ الشَّابِّ فِي شَبَابِهِ
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ كَرَاهَةُ الْحِرْصِ عَلَى طُولِ الْعُمُرِ وَكَثْرَةِ الْمَالِ وَأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِمَحْمُودٍ
وَقَالَ غَيْرُهُ الْحِكْمَةُ فِي التَّخْصِيصِ بهذين الأمرين أن أحب الأشياء إلى بن آدَمَ نَفْسُهُ فَهُوَ رَاغِبٌ فِي بَقَائِهَا فَأَحَبَّ لِذَلِكَ طُولَ الْعُمُرِ وَأَحَبَّ الْمَالَ لِأَنَّهُ مِنْ أَعْظَمِ الْأَسْبَابِ فِي دَوَامِ الصِّحَّةِ الَّتِي يَنْشَأُ عَنْهَا غَالِبًا طُولُ الْعُمُرِ فَكُلَّمَا أَحَسَّ بِقُرْبِ نَفَادِ ذَلِكَ اشْتَدَّ حُبُّهُ وَرَغْبَتُهُ فِي دَوَامِهِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا