تحفه الاحوذي (صفحة 3210)

بِالْخِلَافَةِ (ثُمَّ يَأْخُذُ بِهِ) أَيْ بِالسَّبَبِ (بَعْدَكَ رَجُلٌ) وَهُوَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَيَقُومُ بِالْحَقِّ فِي أُمَّتِهِ بَعْدَهُ (ثُمَّ يَأْخُذُ بَعْدَهُ رَجُلٌ آخَرُ) وَهُوَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ (ثُمَّ يَأْخُذُ آخَرُ) وَهُوَ عُثْمَانُ (فَيَنْقَطِعُ به ثم يوصل) وفي حديث بن عَبَّاسٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ ثُمَّ يُوصَلُ لَهُ (أَصَبْتُ بَعْضًا وَأَخْطَأْتُ بَعْضًا) قَالَ النَّوَوِيُّ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ في معناه

فقال بن قُتَيْبَةَ وَآخَرُونَ مَعْنَاهُ أَصَبْتُ فِي بَيَانِ تَفْسِيرِهَا وَصَادَفْتُ حَقِيقَةَ تَأْوِيلِهَا وَأَخْطَأْتُ فِي مُبَادَرَتِكَ بِتَفْسِيرِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ آمُرَكَ بِهِ

وَقَالَ آخَرُونَ هذا الذي قاله بن قُتَيْبَةَ وَمُوَافِقُوهُ فَاسِدٌ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ وَقَالَ اعْبُرْهَا وَإِنَّمَا أَخْطَأَ فِي تَرْكِهِ تَفْسِيرَ بَعْضِهَا فَإِنَّ الرَّائِيَ قَالَ رَأَيْتُ ظُلَّةً تَنْطُفُ السَّمْنَ وَالْعَسَلَ فَفَسَّرَهُ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِالْقُرْآنِ حَلَاوَتَهُ وَلِينَهُ وَهَذَا إِنَّمَا هُوَ تَفْسِيرُ الْعَسَلِ وَتَرَكَ تَفْسِيرَ السَّمْنِ وَتَفْسِيرَهُ السُّنَّةَ فَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ

وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الطَّحَاوِيُّ

وَقَالَ آخَرُونَ الْخَطَأُ وَقَعَ فِي خَلْعِ عُثْمَانَ لِأَنَّهُ ذَكَرَ فِي الْمَنَامِ أَنَّهُ أَخَذَ بِالسَّبَبِ فَانْقَطَعَ بِهِ وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى انْخِلَاعِهِ بِنَفْسِهِ

وَفَسَّرَهُ الصِّدِّيقُ بِأَنَّهُ يَأْخُذُ بِهِ رَجُلٌ فَيَنْقَطِعُ بِهِ ثُمَّ يُوصَلُ لَهُ فَيَعْلُو بِهِ وَعُثْمَانُ قَدْ خُلِعَ قَهْرًا وَقُتِلَ وَوُلِّيَ غَيْرُهُ

فَالصَّوَابُ فِي تَفْسِيرِهِ أَنْ يُحْمَلَ وَصْلُهُ عَلَى وِلَايَةِ غَيْرِهِ مِنْ قَوْمِهِ

وَقَالَ آخَرُونَ الْخَطَأُ فِي سُؤَالِهِ لِيَعْبُرَهَا

قَالَ الْمُهَلِّبُ وَمَوْضِعُ الْخَطَأِ فِي قَوْلِهِ ثُمَّ وُصِلَ لَهُ لِأَنَّ فِي الْحَدِيثِ ثُمَّ وُصِلَ وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ

قَالَ الْحَافِظُ هَذِهِ اللَّفْظَةُ وَهِيَ قَوْلُهُ لَهُ قَدْ ثَبَتَتْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ فَذَكَرَهَا ثُمَّ قَالَ وَبَنَى الْمُهَلَّبُ عَلَى مَا تَوَهَّمَهُ فَقَالَ كَانَ يَنْبَغِي لِأَبِي بَكْرٍ أَنْ يَقِفَ حَيْثُ وَقَفَتِ الرُّؤْيَا وَلَا يَذْكُرُ الْمَوْصُولَ لَهُ فَإِنَّ الْمَعْنَى أَنَّ عُثْمَانَ انْقَطَعَ بِهِ الْحَبْلُ ثُمَّ وُصِلَ لِغَيْرِهِ أَيْ وَصَلَتِ الْخِلَافَةُ لِغَيْرِهِ وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّ لَفْظَةَ لَهُ ثَابِتَةٌ فِي نَفْسِ الْخَبَرِ

فَالْمَعْنَى عَلَى هَذَا أَنَّ عُثْمَانَ كَادَ يَنْقَطِعُ عَلَى اللِّحَاقِ بِصَاحِبَيْهِ بِسَبَبِ مَا وَقَعَ لَهُ مِنْ تِلْكَ الْقَضَايَا الَّتِي أَنْكَرُوهَا فَعَبَّرَ عَنْهَا بِانْقِطَاعِ الْحَبْلِ ثُمَّ وَقَعَتْ لَهُ الشَّهَادَةُ فَاتَّصَلَ بِهِمْ فَعَبَّرَ عَنْهُ بِأَنَّ الْحَبْلَ وَصَلَ لَهُ فَاتَّصَلَ فَالْتَحَقَ بِهِمْ فَلَمْ يَتِمَّ فِي تَبْيِينِ الْخَطَأِ فِي التَّعْبِيرِ الْمَذْكُورِ مَا تَوَهَّمَهُ الْمُهَلَّبُ انْتَهَى

وَقَدْ بَسَطَ الْحَافِظُ الْكَلَامَ فِي هَذَا الْمَقَامِ فِي الْفَتْحِ (لَا تُقْسِمْ) أَيْ لَا تُكَرِّرْ يَمِينَكَ فَإِنِّي لَا أُخْبِرُكَ

قَالَ النَّوَوِيُّ فِيهِ دَلِيلٌ لِمَا قَالَهُ الْعُلَمَاءُ أَنَّ إِبْرَارَ الْقَسَمِ الْمَأْمُورِ بِهِ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ إنما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015