قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي طَهَارَةِ مَنِيِّ الْآدَمِيِّ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ إِلَى نَجَاسَتِهِ إِلَّا أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ يَكْفِي فِي تَطْهِيرِهِ فَرْكُهُ إِذَا كَانَ يَابِسًا وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ وَقَالَ مَالِكٌ لَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهِ رَطْبًا وَيَابِسًا وَقَالَ اللَّيْثُ هُوَ نَجَسٌ وَلَا تُعَادُ الصَّلَاةُ مِنْهُ وَقَالَ الْحَسَنُ لَا تُعَادُ الصَّلَاةُ مِنَ الْمَنِيِّ فِي الثَّوْبِ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا وَتُعَادُ مِنْهُ فِي الْجَسَدِ وَإِنْ قَلَّ وَذَهَبَ كَثِيرُونَ إِلَى أَنَّ الْمَنِيَّ طَاهِرٌ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وقاص وبن عُمَرَ وَعَائِشَةَ وَدَاوُدَ وَأَحْمَدَ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَقَدْ غَلِطَ مَنْ أَوْهَمَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ مُنْفَرِدٌ بِطَهَارَتِهِ
وَدَلِيلُ الْقَائِلِينَ بِالنَّجَاسَةِ رِوَايَةُ الْغَسْلِ
وَدَلِيلُ الْقَائِلِينَ بِالطَّهَارَةِ رِوَايَةُ الْفَرْكِ فَلَوْ كَانَ نَجَسًا لَمْ يَكْفِ فَرْكُهُ كَالدَّمِ وَغَيْرِهِ
قَالُوا رِوَايَةُ الْغَسْلِ مَحْمُولَةٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَالتَّنَزُّهِ وَاخْتِيَارِ النَّظَافَةِ انْتَهَى كَلَامُ النَّوَوِيِّ
وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ بَعْدَ ذِكْرِ الْآثَارِ الَّتِي تدل على طهارة المني
فذهب الذاهبون إِلَى أَنَّ الْمَنِيَّ طَاهِرٌ قَالَ الْعَيْنِيُّ أَرَادَ بِهَؤُلَاءِ الذَّاهِبِينَ الشَّافِعِيَّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَدَاوُدَ انْتَهَى وَقَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ
قَالُوا الْأَصْلُ الطَّهَارَةُ فَلَا تَنْتَقِلُ عَنْهَا إِلَّا بِدَلِيلٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ التَّعَبُّدَ بِالْإِزَالَةِ غَسْلًا أَوْ فَرْكًا أَوْ حَتًّا أَوْ سَلْتًا أَوْ حَكًّا ثَابِتٌ وَلَا مَعْنَى لِكَوْنِ الشَّيْءِ نَجَسًا إِلَّا أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِإِزَالَتِهِ بِمَا أَحَالَ عَلَيْهِ الشَّارِعُ فَالصَّوَابُ أَنَّ الْمَنِيَّ نَجَسٌ يَجُوزُ تَطْهِيرُهُ بِأَحَدِ الْأُمُورِ الْوَارِدَةِ انْتَهَى
قُلْتُ كَلَامُ الشَّوْكَانِيِّ هَذَا حَسَنٌ جَيِّدٌ
[116] قَوْلُهُ (ضَافَ عَائِشَةَ ضَيْفٌ) أَيْ نَزَلَ عَلَيْهَا قَالَ فِي الْقَامُوسِ ضِفْتُهُ وَأُضِيفُهُ ضَيْفًا وَضِيَافَةً بِالْكَسْرِ نَزَلْتُ عَلَيْهِ ضَيْفًا انْتَهَى وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ ضَافَهَا ضَيْفٌ ضِفْتُ الرَّجُلَ إِذَا نَزَلْتُ بِهِ فِي ضِيَافَةٍ وَأَضَفْتُهُ إِذَا أَنْزَلْتُهُ وَتَضَيَّفْتُهُ إِذَا نَزَلْتُ بِهِ وَتَضَيَّفَنِي إِذَا أَنْزَلَنِي (فَأَمَرَتْ لَهُ بِمِلْحَفَةٍ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ لِحَافٌ كَكِتَابٍ مَا يُلْتَحَفُ بِهِ وَاللِّبَاسُ فَوْقَ سَائِرِ اللِّبَاسِ مِنْ دِثَارِ الْبَرْدِ وَنَحْوِهِ كَالْمِلْحَفَةِ وَقَالَ فِي الصُّرَاحِ مِلْحَفَةٌ بِالْكَسْرِ جَادِرٌ (وَبِهَا أَثَرُ الِاحْتِلَامِ) أَيْ أَثَرُ الْمَنِيِّ وَالْوَاوُ حَالِيَّةٌ (إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَفْرُكَهُ) أَيْ يَدْلُكَهُ حَتَّى يَذْهَبَ الْأَثَرُ مِنَ الثَّوْبِ