تحفه الاحوذي (صفحة 3022)

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ

(بَاب مَا جَاءَ أَنَّ الْأَعْمَالَ بِالْخَوَاتِيمِ)

[2137] (وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ) الْأَوْلَى أَنْ تُجْعَلَ هَذِهِ الْجُمْلَةُ اعْتِرَاضِيَّةً لَا حَالِيَّةً لِتَعُمَّ الْأَحْوَالَ كُلَّهَا وَأَنْ يَكُونَ مِنْ عَادَتِهِ ذَلِكَ فَمَا أَحْسَنَ موقعه ها هنا وَمَعْنَاهُ الصَّادِقُ فِي جَمِيعِ أَفْعَالِهِ حَتَّى قَبْلَ النُّبُوَّةِ لِمَا كَانَ مَشْهُورًا فِيمَا بَيْنَهُمْ بِمُحَمَّدٍ الْأَمِينِ الْمَصْدُوقِ فِي جَمِيعِ مَا أَتَاهُ مِنَ الوحي الكريم صدقه زيد راست كفت ياوزيد

قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ فَصَدَّقَنِي وَقَالَ فِي حَدِيثِ أبي هُرَيْرَةَ صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ

وَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ الْإِفْكِ سَلِ الْجَارِيَةَ تَصْدُقَكَ

وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ كَذَا قَالَ السَّيِّدُ جَمَالُ الدِّينِ

وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَا قِيلَ إِنَّ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا تَأْكِيدٌ إِذْ يَلْزَمُ مِنْ أَحَدِهِمَا الْآخَرُ اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يَخُصَّ بِهِ (إِنَّ أَحَدَكُمْ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ فَتَكُونُ مِنْ جُمْلَةِ التَّحْدِيثِ وَيَجُوزُ فَتْحُهَا وَفِي رِوَايَةٍ إِنَّ خَلْقَ أَحَدِكُمْ أَيْ مَادَّةَ خَلْقِ أَحَدِكُمْ وَمَا يُخْلَقُ مِنْهُ أَحَدُكُمْ (يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ) أَيْ يُقَرَّرُ وَيُحْرَزُ فِي رَحِمِهَا

وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ وَيَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ بِالْجَمْعِ مُكْثَ النُّطْفَةِ في الرحم (في أربعين يوما) يتخمر فِيهَا حَتَّى يَتَهَيَّأَ لِلْخَلْقِ قَالَ الطِّيبِيُّ وَقَدْ روي عن بن مَسْعُودٍ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ النُّطْفَةَ إِذَا وَقَعَتْ فِي الرَّحِمِ فَأَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَخْلُقَ مِنْهَا بَشَرًا طَارَتْ فِي بَشَرَةِ الْمَرْأَةِ تَحْتَ كُلِّ ظُفْرٍ وَشَعْرٍ ثُمَّ تَمْكُثُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ تَنْزِلُ دَمًا فِي الرَّحِمِ فَذَلِكَ جَمْعُهَا

وَالصَّحَابَةُ أَعْلَمُ النَّاسِ بِتَفْسِيرِ مَا سَمِعُوهُ وَأَحَقُّهُمْ بِتَأْوِيلِهِ وَأَكْثَرُهُمُ احْتِيَاطًا فَلَيْسَ لِمَنْ بَعْدَهُمْ أن يرد عليهم

قال بن حجر والحديث رواه بن أَبِي حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ وَصَحَّ تَفْسِيرُ الْجَمْعِ بِمَعْنًى آخَرَ وَهُوَ مَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا أَرَادَ خَلْقَ عَبْدٍ فَجَامَعَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ طَارَ مَاؤُهُ فِي كُلِّ عِرْقٍ وَعُضْوٍ مِنْهَا فَإِذَا كَانَ يَوْمُ السَّابِعِ جَمَعَهُ اللَّهُ ثُمَّ أَحْضَرَهُ كُلُّ عِرْقٍ لَهُ دُونَ آدَمَ فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شاء ركبك

وَيَشْهَدُ لِهَذَا الْمَعْنَى قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِمَنْ قَالَ لَهُ وَلَدَتِ امْرَأَتِي غُلَامًا أَسْوَدَ لَعَلَّهُ نَزَعَهُ عِرْقٌ

وَأَصْلُ النُّطْفَةِ الْمَاءُ الْقَلِيلُ سُمِّيَ بِهَا الْمَنِيُّ لِقِلَّتِهِ وَقِيلَ لِنُطَافَتِهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015