تحفه الاحوذي (صفحة 2994)

4 - (بَاب مَا جَاءَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُوصِ)

قَوْلُهُ [2119] (عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ) بِمِيمٍ مَضْمُومَةٍ وَفَتْحِ صَادٍ وَكَسْرِ رَاءٍ مُشَدَّدَةٍ عَلَى الصَّوَابِ وَحُكِيَ فَتْحُهَا وَبِفَاءٍ كَذَا فِي الْمُغْنِي وَطَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ هَذَا هو بن عَمْرِو بْنِ كَعْبٍ الْيَامِيُّ بِالتَّحْتَانِيَّةِ الْكُوفِيُّ ثِقَةٌ قَارِئٌ فَاضِلٌ مِنَ الْخَامِسَةِ

قَوْلُهُ (قُلْتُ لِابْنِ أَبِي أَوْفَى) هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى عَلْقَمَةُ بْنُ خَالِدِ بْنِ الْحَارِثِ الْأَسْلَمِيُّ صحابي شهد الحديبية وعمر بعد النبي صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَهْرًا مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ وَهُوَ آخِرُ مَنْ مَاتَ بِالْكُوفَةِ مِنَ الصَّحَابَةِ

قَوْلُهُ (قَالَ لَا) هَكَذَا أَطْلَقَ الْجَوَابَ وَكَأَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ السُّؤَالَ وَقَعَ عَنْ وَصِيَّةٍ خَاصَّةٍ فَلِذَلِكَ سَاغَ نَفْيَهَا لَا أَنَّهُ أَرَادَ نَفْيَ الْوَصِيَّةِ مُطْلَقًا

لِأَنَّهُ أَثْبَتَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ بِكِتَابِ اللَّهِ (وَكَيْفَ كُتِبَتِ الْوَصِيَّةُ وَكَيْفَ أَمَرَ النَّاسَ) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ كَيْفَ كَتَبَ عَلَى النَّاسِ الْوَصِيَّةَ أُمِرُوا بِهَا وَلَمْ يُوصِ

وَبِذَلِكَ يَتِمُّ الِاعْتِرَاضُ أَيْ كَيْفَ يُؤْمَرُ الْمُسْلِمُونَ بِشَيْءٍ وَلَا يَفْعَلُهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

قَالَ النَّوَوِيُّ لَعَلَّ بن أَبِي أَوْفَى أَرَادَ لَمْ يُوصِ بِثُلُثِ مَالِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ بَعْدَهُ مَالًا وَأَمَّا الْأَرْضُ فَقَدْ سَلَبَهَا فِي حَيَاتِهِ وَأَمَّا السِّلَاحُ وَالْبَغْلَةُ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَقَدْ أَخْبَرَ بِأَنَّهَا لَا تُورَثُ عَنْهُ بَلْ جَمِيعُ مَا يَخْلُفُهُ صَدَقَةٌ فَلَمْ يَبْقَ بَعْدَ ذَلِكَ مَا يُوصِي بِهِ مِنَ الْجِهَةِ الْمَالِيَّةِ وَأَمَّا الْوَصَايَا بِغَيْرِ ذَلِكَ فَلَمْ يرد بن أَبِي أَوْفَى نَفْيَهَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَنْفِيُّ وَصِيَّتَهُ إِلَى عَلِيٍّ بِالْخِلَافَةِ كَمَا وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ ذَكَرُوا عِنْدَهَا أَنَّ عَلِيًّا كَانَ وَصِيًّا فَقَالَتْ متى أوصى إليه الحديث

وقد أخرج بن حبان حديث الباب من طريق بن عُيَيْنَةَ عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ بِلَفْظٍ يُزِيلُ الاشكال فقال سئل بن أَبِي أَوْفَى هَلْ أَوْصَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا تَرَكَ شَيْئًا يُوصِي فِيهِ قِيلَ فَكَيْفَ أَمَرَ النَّاسَ بِالْوَصِيَّةِ ولم يوص قال أوصى بكتاب

وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ اسْتِبْعَادُ طَلْحَةَ وَاضِحٌ لِأَنَّهُ أَطْلَقَ فَلَوْ أَرَادَ شَيْئًا بِعَيْنِهِ لَخَصَّهُ بِهِ فَاعْتَرَضَهُ بِأَنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ الْوَصِيَّةَ وَأُمِرُوا بِهَا فَكَيْفَ لَمْ يَفْعَلْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَجَابَهُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَطْلَقَ فِي مَوْضِعِ التَّقْيِيدِ (أَوْصَى بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى) أَيْ بِالتَّمَسُّكِ بِهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015