قَوْلُهُ (الْحَيَاءُ وَالْعِيُّ) أَيِ الْعَجْزُ فِي الْكَلَامِ وَالْمُرَادُ بِهِ فِي هَذَا الْمَقَامِ هُوَ السُّكُوتُ عَمَّا فِيهِ إِثْمٌ مِنَ النَّثْرِ وَالشِّعْرِ لَا ما يكون للخلل في اللسان قاله القارىء
وَقَالَ فِي الْمَجْمَعِ الْعِيُّ التَّحَيُّرُ فِي الْكَلَامِ وَأَرَادَ بِهِ مَا كَانَ بِسَبَبِ التَّأَمُّلِ فِي الْمَقَالِ وَالتَّحَرُّزِ عَنِ الْوَبَالِ انْتَهَى
قُلْتُ وَفَسَّرَ التِّرْمِذِيُّ الْعِيَّ فِيمَا بَعْدُ بِقِلَّةِ الْكَلَامِ يَعْنِي حَذَرًا عَنِ الْوُقُوعِ فِي الْإِثْمِ أَوْ فِي مَا لَا يَعْنِي
(شُعْبَتَانِ مِنَ الْإِيمَانِ) أَيْ أَثَرَانِ مِنْ آثَارِهِ فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ يَحْمِلُهُ الْإِيمَانُ عَلَى الْحَيَاءِ فَيَتْرُكُ الْقَبَائِحَ حَيَاءً مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَيَمْنَعُهُ عَنِ الِاجْتِرَاءِ عَلَى الْكَلَامِ شَفَقَةً عَنْ عَثْرَةِ اللِّسَانِ فَهُمَا شُعْبَتَانِ مِنْ شُعَبِ الْإِيمَانِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِيمَانَ مُنْشَأَهُمَا وَمُنْشَأُ كُلِّ مَعْرُوفٍ وَإِحْسَانٍ (وَالْبَذَاءُ) بِفَتْحِ مُوَحَّدَةٍ فَذَالٌ مُعْجَمَةٌ فُحْشُ الْكَلَامِ أَوْ خِلَافُ الْحَيَاءِ (وَالْبَيَانُ) أَيِ الْفَصَاحَةُ الزَّائِدَةُ عَنْ مِقْدَارِ حَاجَةِ الْإِنْسَانِ مِنَ التَّعَمُّقِ فِي النُّطْقِ وَإِظْهَارِ التَّفَاصُحِ لِلتَّقَدُّمِ عَلَى الْأَعْيَانِ
وَقَالَ فِي الْمَجْمَعِ أَرَادَ بِالْبَيَانِ مَا يَكُونُ سَبَبُهُ الِاجْتِرَاءَ وَعَدَم الْمُبَالَاةِ بِالطُّغْيَانِ وَالتَّحَرُّزِ عَنِ الزُّورِ وَالْبُهْتَانِ انْتَهَى
(شُعْبَتَانِ مِنَ النِّفَاقِ) قَالَ فِي التَّيْسِيرِ أَيْ هُمَا خَصْلَتَانِ مُنْشَأَهُمَا النِّفَاقُ أَوْ مُؤَدِّيَانِ إِلَيْهِ وَأَرَادَ بِالْبَيَانِ هُنَا كَثْرَةَ الْكَلَامِ وَالتَّكَلُّفَ لِلنَّاسِ بِكَثْرَةِ التَّمَلُّقِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِمْ وَإِظْهَارِ التَّفَصُّحِ وَذَلِكَ لَيْسَ مِنْ شَأْنِ أَهْلِ الْإِيمَانِ وَقَدْ يَتَمَلَّقُ الْإِنْسَانُ إِلَى حَدٍّ يُخْرِجُهُ إِلَى صَرِيحِ النِّفَاقِ وَحَقِيقَتِهِ انْتَهَى
قَوْلُهُ (هذا حديث حسن غريب) قال القارىء فِي الْمِرْقَاةِ رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ كَذَا نَقَلَهُ مَيْرَكُ عَنِ التَّصْحِيحِ
وَقَدْ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَالْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ انْتَهَى
وَقَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ وَقَالَ غَيْرُهُ صَحِيحٌ انْتَهَى
(قَالَ وَالْعِيُّ قِلَّةُ الْكَلَامِ إِلَخْ) أَيْ قَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ الْعِيُّ قِلَّةُ الْكَلَامِ أَيْ تَحَرُّزًا عَنِ الْوُقُوعِ فِي الْإِثْمِ أَوْ فِي مَا لَا يَنْبَغِي