قَوْلُهُ (فَقَالَ) أَيْ أَبُو الدَّرْدَاءِ (خَيْرُهُمْ) مُبْتَدَأٌ (وَأَوْصَلُهُمْ) عَطْفٌ عَلَى الْمُبْتَدَأِ (أَبُو مُحَمَّدٍ) خَبَرٌ وَهُوَ كُنْيَةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ
وَالْمَعْنَى خَيْرُ النَّاسِ وَأَوْصَلُهُمْ فِي عِلْمِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ (أَنَا اللَّهُ) كَانَ هَذَا تَوْطِئَةً لِلْكَلَامِ حَيْثُ ذَكَرَ الْعَلَمَ الْخَاصَّ ثُمَّ ذَكَرَ الْوَصْفَ الْمُشْتَقَّ مِنْ مَادَّةِ الرَّحِمِ فَقَالَ (وَأَنَا الرَّحْمَنُ) أَيِ الْمُتَّصِفُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ (خَلَقْتُ الرَّحِمَ) أَيْ قَدَّرْتُهَا أَوْ صَوَّرْتُهَا مُجَسَّدَةً (وَشَقَقْتُ) أَيْ أَخْرَجْتُ وَأَخَذْتُ اسْمًا (لَهَا) أَيْ لِلرَّحِمِ (مِنِ اسْمِي) أَيِ الرَّحْمَنَ وَفِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ الْمُنَاسَبَةَ الِاسْمِيَّةَ وَاجِبَةُ الرِّعَايَةِ فِي الْجُمْلَةِ وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى عَلَى أَنَّهَا أَثَرٌ مِنْ آثَارِ رَحْمَةِ الرَّحْمَنِ وَيَتَعَيَّنُ عَلَى الْمُؤْمِنِ التَّخَلُّقُ بِأَخْلَاقِ اللَّهِ تَعَالَى وَالتَّعَلُّقُ بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَلِذَا قَالَ (فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلْتُهُ) أَيْ إِلَى رَحْمَتِي أَوْ مَحِلِّ كَرَامَتِي (وَمَنْ قَطَعَهَا بَتَّتُهُ) بِتَشْدِيدِ الْفَوْقِيَّةِ الثَّانِيَةِ أَيْ قَطَعْتُهُ مِنْ رَحْمَتِي الْخَاصَّةِ مِنَ الْبَتِّ وَهُوَ الْقَطْعُ
قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ) أَخْرَجَهُ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي في الأحكام كما في الفتح (وبن أَبِي أَوْفَى) هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى الْجُهَنِيُّ الْأَنْصَارِيُّ شَهِدَ أُحُدًا وَمَا بَعْدَهَا
وَأَخْرَجَ حَدِيثَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ مَرْفُوعًا لَا تَنْزِلُ الرَّحْمَةُ عَلَى قَوْمٍ فِيهِمْ قَاطِعُ رَحِمٍ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ (وَعَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ) لَمْ أَقِفْ عَلَى مَنْ أخرجه (وأبي هريرة) أخرجه الشَّيْخَانِ (وَجُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ) أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ فِي الْبَابِ الْآتِي
قَوْلُهُ (حَدِيثُ سُفْيَانَ عَنِ الزُّهْرِيِّ حَدِيثٌ صَحِيحٌ) قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي التَّرْغِيبِ بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا الْحَدِيثِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَفِي تَصْحِيحِ التِّرْمِذِيِّ لَهُ نَظَرٌ فَإِنَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ شَيْئًا قَالَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ
وَرَوَاهُ أبو داود وبن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ رَدَّادٍ اللَّيْثِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَقَدْ أَشَارَ التِّرْمِذِيُّ إِلَى هَذَا ثُمَّ حَكَى عَنِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ وَحَدِيثُ مَعْمَرٍ خَطَأٌ انْتَهَى
وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَالْبُخَارِيُّ فِي الأدب المفرد والحاكم (ع 4 ن رَدَّادٍ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا