وَقَعَ تَفْسِيرُهُ فِي رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ وَقَالَ فِي الْقَامُوسِ الْبِتْعُ بِالْكَسْرِ وَكَعِنَبٍ نَبِيذُ الْعَسَلِ الْمُشْتَدِّ أَوْ سُلَالَةُ الْعِنَبِ أَوْ بِالْكَسْرِ الْخَمْرُ (فَقَالَ كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ) وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَالْجَمَاهِيرِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ كَمَا تَقَدَّمَ وَهُوَ الْحَقُّ
قَالَ الطِّيبِيُّ قَوْلُهُ كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ جَوَابًا عَنْ سُؤَالِهِمْ عَنِ الْبِتْعِ يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ كُلِّ مَا أَسْكَرَ وَعَلَى جَوَازِ الْقِيَاسِ بِاطِّرَادِ الْعِلَّةِ انْتَهَى
فَإِنْ قَالَ أَهْلُ الْكُوفَةِ إِنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ يَعْنِي بِهِ الْجُزْءَ الَّذِي يَحْدُثُ عَقِبَهُ السُّكْرُ فَهُوَ حَرَامٌ فَالْجَوَابُ أَنَّ الشَّرَابَ اسْمُ جِنْسٍ فَيَقْتَضِي أَنْ يَرْجِعَ التَّحْرِيمُ إِلَى الْجِنْسِ كُلِّهِ كما يقال هذا الطعام مشبع والماء مر ويريد بِهِ الْجِنْسَ وَكُلُّ جُزْءٍ مِنْهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ الْفِعْلَ فَاللُّقْمَةُ تُشْبِعُ الْعُصْفُورَ وَمَا هُوَ أَكْبَرُ مِنْهَا يُشْبِعُ مَا هُوَ أَكْبَرُ مِنَ الْعُصْفُورِ وَكَذَلِكَ جِنْسُ الْمَاءِ يَرْوِي الْحَيَوَانَ عَلَى هَذَا الْحَدِّ فَكَذَلِكَ النَّبِيذُ
قَالَ الطَّبَرِيُّ يُقَالُ لَهُمْ أَخْبِرُونَا عَنِ الشَّرْبَةِ الَّتِي يَعْقُبُهَا السُّكْرُ أَهِيَ الَّتِي أَسْكَرَتْ صَاحِبَهَا دُونَ مَا تَقَدَّمَهَا مِنَ الشَّرَابِ أَمْ أَسْكَرَتْ بِاجْتِمَاعِهَا مَعَ مَا تَقَدَّمَ وَأَخَذَتْ كُلُّ شَرْبَةٍ بِحَظِّهَا مِنَ الْإِسْكَارِ فَإِنْ قَالُوا إِنَّمَا أَحْدَثَ لَهُ السُّكْرَ الشَّرْبَةُ الْآخِرَةُ الَّتِي وَجَدَ خَبَلَ الْعَقْلِ عَقِبَهَا قِيلَ لَهُمْ وَهَلْ هَذِهِ الَّتِي أَحْدَثَتْ لَهُ ذَلِكَ إِلَّا كَبَعْضِ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الشَّرَبَاتِ قَبْلَهَا فِي أَنَّهَا لَوِ انْفَرَدَتْ دُونَ مَا قَبْلَهَا كَانَتْ غَيْرَ مُسْكِرَةٍ وَحْدَهَا وَأَنَّهَا إِنَّمَا أَسْكَرَتْ بِاجْتِمَاعِهَا وَاجْتِمَاعِ عَمَلِهَا فَحَدَثَ عَنْ جَمِيعِهَا السُّكْرُ كَذَا فِي النَّيْلِ
وَاعْلَمْ أَنَّ حَدِيثَ عَائِشَةَ هَذَا أخرجه أحمد والشيخان وأبو داود والنسائي وبن مَاجَهْ لَكِنَّ التِّرْمِذِيَّ لَمْ يَقُلْ بَعْدَ رِوَايَتِهِ بِأَنَّهُ حَسَنٌ أَوْ صَحِيحٌ
وَرَوَى بَعْدَ هَذَا حديث بن عُمَرَ وَقَالَ بَعْدَ رِوَايَتِهِ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ثُمَّ قَالَ وَفِي الْبَابِ عَنْ عُمَرَ إِلَخْ ثُمَّ قَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ فَإِنْ كَانَتِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ إِلَى حَدِيثِ عَائِشَةَ الْمَذْكُورِ فَفِيهِ بُعْدٌ كَمَا لَا يخفى وإن كانت الاشارة إلى حديث بن عُمَرَ فَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ قَدْ أَشَارَ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ فَالظَّاهِرُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ بَعْدَ رِوَايَةِ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَأَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ هذا حديث حسن بعد رواية حديث بن عُمَرَ
[1864] قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ أَسْبَاطَ) بِمَفْتُوحَةٍ وَسُكُونِ مُهْمَلَةٍ وَبِمُوَحَّدَةٍ وَطَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَتَرْكِ صَرْفٍ كَذَا فِي الْمُغْنِي (بْنِ مُحَمَّدِ الْقُرَشِيُّ) الْكُوفِيُّ رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ وَعَنْهُ زت ق وَثَّقَهُ مُطَيَّنٌ وَقَالَ مَاتَ سَنَةَ خَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ