تَنْبِيهٌ اعْلَمْ أَنَّ أَبَا دَاوُدَ أَخْرَجَ هَذَا الحديث في سننه من طريق بْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ بِلَفْظِ كَانَ شَعْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوْقَ الْوَفْرَةِ وَدُونَ الْجُمَّةِ
فَلَفْظُ أَبِي دَاوُدَ هَذَا عَكْسُ لَفْظِ التِّرْمِذِيِّ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا شَيْخُنَا فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ فَوْقَ وَدُونَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَحَلِّ وَتَارَةً بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْكَثْرَةِ وَالْقِلَّةِ فَقَوْلُهُ فَوْقَ الْجُمَّةِ أَيْ أَرْفَعُ فِي الْمَحَلِّ وَقَوْلُهُ دُونَ الْجُمَّةِ أَيْ فِي الْقَدْرِ وَكَذَا بِالْعَكْسِ وَهُوَ جَمْعٌ جَيِّدٌ لَوْلَا أَنَّ مَخْرَجَ الْحَدِيثِ مُتَّحِدٌ انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ
وَقَالَ فِي فَتْحِ الْوَدُودِ بَعْدَ ذِكْرِ الِاخْتِلَافِ بَيْنَ لَفْظِ التِّرْمِذِيِّ وَأَبِي دَاوُدَ مَا لَفْظُهُ فَتُحْمَلُ رِوَايَةُ التِّرْمِذِيِّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ فَوْقَ وَدُونَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَحَلِّ وُصُولِ الشَّعْرِ أَيْ أَنَّ شَعْرَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَرْفَعَ فِي الْمَحَلِّ مِنَ الْجُمَّةِ وَأَنْزَلَ فِيهِ مِنَ الْوَفْرَةِ
وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى طُولِ الشَّعْرِ وَقِصَرِهَا أي أطول من الوفرة وأكثر مِنَ الْجُمَّةِ فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ انْتَهَى (وَلَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ هَذَا الْحَرْفَ) أَيْ هَذِهِ الْجُمْلَةَ
فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ الْحَرْفَ الْجُمْلَةُ وَقَدْ بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ وَكَانَ لَهُ شَعْرٌ فَوْقَ الْجُمَّةِ (وَهُوَ ثقة حافظ) يعني وزيادة الثقة لحافظ مَقْبُولَةٌ
[1756] قَوْلُهُ (عَنْ هِشَامٍ) هُوَ بن حَسَّانَ الْأَزْدِيِّ الْفِرْدَوْسِيِّ (عَنِ الْحَسَنِ) هُوَ الْبَصْرِيُّ
قَوْلُهُ (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ التَّرَجُّلِ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ التَّرَجُّلُ وَالتَّرْجِيلُ تَسْرِيحُ الشَّعْرِ وَتَنْظِيفُهُ وَتَحْسِينُهُ انْتَهَى (إِلَّا غبا) بكسر الغين المعجمة وشدة الموحدة
قال الْقَاضِي الْغِبُّ أَنْ يَفْعَلَ يَوْمًا وَيَتْرُكَ يَوْمًا وَالْمُرَادُ بِهِ النَّهْيُ عَنِ الْمُوَاظَبَةِ عَلَيْهِ وَالِاهْتِمَامِ بِهِ لِأَنَّهُ مُبَالَغَةٌ فِي التَّزْيِينِ وَتَهَالُكٌ فِي التحسين انتهى
وقال في النهاية زرغبا تَزْدَدْ حُبًّا الْغِبُّ مِنْ أَوْرَادِ الْإِبِلِ أَنْ تَرِدَ الْمَاءَ يَوْمًا وَتَدَعَهُ يَوْمًا ثُمَّ تَعُودَ فَنَقَلَهُ إِلَى الزِّيَارَةِ وَإِنْ جَاءَ بَعْدَ أَيَّامٍ يُقَالُ غَبَّ الرَّجُلُ إِذَا جَاءَ زَائِرًا بَعْدَ أَيَّامٍ وَقَالَ الْحَسَنُ فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ أَغِبُّوا فِي عِيَادَةِ الْمَرِيضِ أَيْ لَا تَعُودُوهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ لِمَا