التهذيب في ترجمته روى له الترمذي وبن مَاجَهْ حَدِيثًا وَاحِدًا فِي السُّؤَالِ عَنِ الْفِرَاءِ وَالسَّمْنِ وَالْجُبُنِّ الْحَدِيثَ
قَوْلُهُ (عَنِ السَّمْنِ وَالْجُبُنِّ) كَعُتُلٍّ هُوَ لَبَنٌ يُجَمَّدُ يُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ بنير (والفراء) قال القارىء بِكَسْرِ الْفَاءِ وَالْمَدِّ جَمْعُ الْفَرَاءِ بِفَتْحِ الْفَاءِ مَدًّا وَقَصْرًا وَهُوَ حِمَارُ الْوَحْشِ قَالَ الْقَاضِي وقيل هو ها هنا جَمْعُ الْفَرْوِ الَّذِي يُلْبَسُ وَيَشْهَدُ لَهُ صَنِيعُ بَعْضِ الْمُحَدِّثِينَ كَالتِّرْمِذِيِّ فَإِنَّهُ ذَكَرَهُ فِي بَابِ لبس الفرو وذكره بن مَاجَهْ فِي بَابِ السَّمْنِ وَالْجُبُنِّ وَقَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ مِنْ عُلَمَائِنَا وَقِيلَ هَذَا غَلَطٌ بَلْ جمع الفرو الذي يلبس وإنما سألوه عنها حَذَرًا مِنْ صَنِيعِ أَهْلِ الْكُفْرِ فِي اتِّخَاذِهِمُ الْفِرَاءَ مِنْ جُلُودِ الْمَيْتَةِ مِنْ غَيْرِ دِبَاغٍ وَيَشْهَدُ لَهُ أَنَّ عُلَمَاءَ الْحَدِيثِ أَوْرَدُوا هَذَا الْحَدِيثَ فِي بَابِ اللِّبَاسِ انْتَهَى
(الْحَلَالُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ) أَيْ بَيَّنَ تَحْلِيلَهُ (فِي كِتَابِهِ وَالْحَرَامُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ) أَيْ بَيَّنَ تَحْرِيمَهُ (فِي كِتَابِهِ) يَعْنِي إِمَّا مُبَيَّنًا وَإِمَّا مُجْمَلًا بِقَوْلِهِ
وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فانتهوا لِئَلَّا يَشْكُلَ بِكَثِيرٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي صَحَّ تَحْرِيمُهَا بِالْحَدِيثِ وَلَيْسَ بِصَرِيحٍ فِي الْكِتَابِ
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ الْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ وَأَمْثَالِهَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى حَصْرِ التَّحْلِيلِ وَالتَّحْرِيمِ عَلَى الْكِتَابِ الْعَزِيزِ هُوَ بِاعْتِبَارِ اشْتِمَالِهِ عَلَى جَمِيعِ الْأَحْكَامِ وَلَوْ بِطَرِيقِ الْعُمُومِ أَوِ الْإِشَارَةِ أَوْ بِاعْتِبَارِ الْأَغْلَبِ لِحَدِيثِ إِنِّي أُوتِيتُ الْقُرْآنَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ
وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ انْتَهَى (وَمَا سَكَتَ) أَيِ الْكِتَابُ (عَنْهُ) أَيْ عَنْ بَيَانِهِ أَوْ وَمَا أَعْرَضَ اللَّهُ عَنْ بَيَانِ تَحْرِيمِهِ وَتَحْلِيلِهِ رَحْمَةً مِنْ غَيْرِ نِسْيَانٍ (فَهُوَ مِمَّا عَفَا عَنْهُ) أَيْ عَنِ اسْتِعْمَالِهِ وَأَبَاحَ فِي أَكْلِهِ وَفِيهِ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَشْيَاءِ الْإِبَاحَةُ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما في الأرض جميعا
تَنْبِيهٌ اعْلَمْ أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ قَدِ اسْتَدَلَّ عَلَى إِبَاحَةِ أَكْلِ التُّنْبَاكِ وَشُرْبِ دُخَانِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا في الأرض جميعا وَبِالْأَحَادِيثِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَشْيَاءِ الْإِبَاحَةُ
قَالَ الْقَاضِي الشَّوْكَانِيُّ فِي إِرْشَادِ السائل إلى أدلة المسائل بعد ما أَثْبَتَ أَنَّ كُلَّ مَا فِي الْأَرْضِ حَلَالٌ إِلَّا بِدَلِيلٍ مَا لَفْظُهُ إِذَا تَقَرَّرَ هَذَا عَلِمْتَ أَنَّ هَذِهِ الشَّجَرَةَ الَّتِي سَمَّاهَا بَعْضُ النَّاسِ التُّنْبَاكَ وَبَعْضُهُمُ التُّوتُونَ لَمْ يَأْتِ فِيهَا دَلِيلٌ يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِهَا وَلَيْسَتْ مِنْ جِنْسِ الْمُسْكِرَاتِ وَلَا مِنَ السُّمُومِ وَلَا مِنْ جِنْسِ مَا يَضُرُّ آجِلًا أَوْ عَاجِلًا فَمَنْ زَعَمَ أَنَّهَا حَرَامٌ فَعَلَيْهِ الدَّلِيلُ وَلَا يُفِيدُ مُجَرَّدُ الْقَالِ وَالْقِيلِ انْتَهَى