أَمْرِهِمَا
وَقَدْ قَالَهَا الذَّبِيحُ فَوَقَعَ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصابرين) فَصَبَرَ حَتَّى فَدَاهُ اللَّهُ بِالذَّبْحِ
قَوْلُهُ (لَأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى مِائَةِ امْرَأَةٍ) رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو عوانة كما في الفتح
[1533] قَوْلُهُ (وَهُوَ يَقُولُ وَأَبِي وَأَبِي) الْوَاوُ لِلْقَسَمِ يَعْنِي يُقْسِمُ بِأَبِيهِ وَيَقُولُ وَأَبِي وَأَبِي (فَقَالَ أَلَا) بِالتَّخْفِيفِ لِلتَّنْبِيهِ (إِنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ)
قَالَ الْعُلَمَاءُ السِّرُّ فِي النَّهْيِ عَنِ الْحَلِفِ بِغَيْرِ اللَّهِ أَنَّ الْحَلِفَ بِشَيْءٍ يَقْتَضِي تَعْظِيمَهُ وَالْعَظَمَةُ فِي الْحَقِيقَةِ إِنَّمَا هِيَ لِلَّهِ وَحْدَهُ وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ تَخْصِيصُ الْحَلِفِ بِاللَّهِ خَاصَّةً لَكِنْ قَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ تَنْعَقِدُ بِاللَّهِ وَذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ الْعَلِيَّةِ
وَاخْتَلَفُوا فِي انْعِقَادِهَا بِبَعْضِ الصِّفَاتِ وَكَانَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ بِاللَّهِ الذَّاتَ لَا خُصُوصَ لَفْظِ اللَّهِ وَأَمَّا الْيَمِينُ بِغَيْرِ ذَلِكَ فَقَدْ ثَبَتَ الْمَنْعُ فِيهَا وَهَلِ الْمَنْعُ للتحريم قولان عند المالكية كذا قال بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَالْمَشْهُورُ عِنْدَهُمُ الْكَرَاهَةُ وَالْخِلَافُ أَيْضًا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ لَكِنَّ الْمَشْهُورَ عِنْدَهُمُ التَّحْرِيمُ وَبِهِ جَزَمَ الظَّاهِرِيَّةُ وَجُمْهُورُ أَصْحَابِهِ عَلَى أَنَّهُ لِلتَّنْزِيهِ كَذَا فِي الْفَتْحِ (ذَاكِرًا وَلَا آثِرًا) بِالْمَدِّ وَكَسْرِ الْمُثَلَّثَةِ أَيْ حَاكِيًا عَنِ الْغَيْرِ أَيْ مَا حَلَفْتُ بِهَا وَلَا حَكَيْتُ ذَلِكَ عَنْ غَيْرِي
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ عقيل عن بن شِهَابٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ مَا حَلَفْتُ بِهَا مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْهَا وَلَا تَكَلَّمْتُ بِهَا
وَقَدِ اسْتُشْكِلَ هَذَا التَّفْسِيرُ لِتَصْدِيرِ الْكَلَامِ بِحَلَفْتُ وَالْحَاكِي عَنْ غَيْرِهِ لَا يُسَمَّى حَالِفًا
وَأُجِيبَ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ فِيهِ مَحْذُوفًا أَيْ وَلَا ذَكَرْتُهَا آثِرًا عَنْ غَيْرِي أَوْ يَكُونُ ضِمْنَ حَلَفْتُ مَعْنَى تَكَلَّمْتُ وَيُقَوِّيهِ رِوَايَةُ عُقَيْلٍ