تحفه الاحوذي (صفحة 2158)

لينظر من أخرجه (وبن عَبَّاسٍ) أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَفَعَ خَيْبَرَ أَرْضَهَا وَنَخْلَهَا مُقَاسَمَةً عَلَى النِّصْفِ

أخرجه أحمد وبن مَاجَهْ

(وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ) أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ والنسائي وبن مَاجَهْ وَسَيَأْتِي لَفْظُهُ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ (وَجَابِرٍ) لِيُنْظَرْ مَنْ أَخْرَجَهُ

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ قَوْلُهُ (وَلَمْ يَرَوْا بِالْمُزَارَعَةِ بَأْسًا عَلَى النِّصْفِ وَالثُّلُثِ وَالرُّبْعِ إِلَخْ) وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ

قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْحَقِّ الدَّهْلَوِيُّ الْمُسَاقَاةُ أَنْ يَدْفَعَ الرَّجُلُ أَشْجَارَهُ إِلَى غَيْرِهِ لِيَعْمَلَ فِيهِ وَيُصْلِحَهَا بِالسَّقْيِ وَالتَّرْبِيَةِ عَلَى سَهْمٍ مُعَيَّنٍ كَنِصْفٍ أَوْ ثُلُثٍ وَالْمُزَارَعَةُ عَقْدٌ عَلَى الْأَرْضِ بِبَعْضِ الْخَارِجِ كَذَلِكَ

والْمُسَاقَاةُ تَكُونُ فِي الْأَشْجَارِ وَالْمُزَارَعَةُ فِي الْأَرَاضِي وَحُكْمُهَا وَاحِدٌ وَهُمَا فَاسِدَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ

وعِنْدَ صَاحِبَيْهِ وَالْآخَرِينَ مِنَ الْأَئِمَّةِ جَائِزٌ

وقِيلَ لَا نَرَى أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنَعَ عَنْهُمَا إِلَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَقِيلَ زُفَرُ مَعَهُ

وقَالَ فِي الْهِدَايَةِ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا وَالدَّلِيلُ لِلْأَئِمَّةِ مَا روي أن النبي صلى الله عليه وسلم عَامَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ عَلَى نِصْفِ مَا يَخْرُجُ مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ

وَلِأَبِي حَنِيفَةَ مَا رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْمُخَابَرَةِ وَهِيَ الْمُزَارَعَةُ انْتَهَى كَلَامُهُ

قُلْتُ أَحَادِيثُ النَّهْيِ عَنِ الْمُخَابَرَةِ مَحْمُولَةٌ عَلَى التَّنْزِيهِ أَوْ عَلَى مَا إِذَا اشْتَرَطَ صَاحِبُ الْأَرْضِ نَاحِيَةً مِنْهَا مُعَيَّنَةً كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ أَحَادِيثُ ذَكَرَهَا صَاحِبُ الْمُنْتَقَى

وقَالَ بَعْدَ ذِكْرِهَا وَمَا وَرَدَ مِنَ النَّهْيِ الْمُطْلَقِ عَنِ الْمُخَابَرَةِ وَالْمُزَارَعَةِ يُحْمَلُ عَلَى مَا فِيهِ مَفْسَدَةٌ كَمَا بَيَّنَتْهُ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى اجْتِنَابِهَا نَدْبًا وَاسْتِحْبَابًا فَقَدْ جَاءَ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ ذَكَرَ أَحَادِيثَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ عَنِ الْمُخَابَرَةِ وَالْمُزَارَعَةِ لَيْسَ لِلتَّحْرِيمِ بَلْ هُوَ لِلتَّنْزِيهِ

قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَعْنِي صَاحِبَ الْمُنْتَقَى هَذَا كَلَامٌ حَسَنٌ وَلَا بُدَّ مِنَ الْمَصِيرِ إِلَيْهِ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ الْمُخْتَلِفَةِ

وهُوَ الَّذِي رَجَّحْنَاهُ فِيمَا سَلَفَ انْتَهَى

قُلْتُ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ الشَّوْكَانِيُّ وَقَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ هَذَا الْحَدِيثُ يَعْنِي حَدِيثَ الْبَابِ هُوَ عُمْدَةُ مَنْ أَجَازَ الْمُزَارَعَةَ وَالْمُخَابَرَةَ لِتَقْرِيرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِذَلِكَ وَاسْتِمْرَارِهِ عَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ إِلَى أَنْ أَجْلَاهُمْ عُمَرُ

وَاسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ الْمُسَاقَاةِ فِي النَّخْلِ وَالْكَرْمِ وَجَمِيعِ الشَّجَرِ الَّذِي مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُثْمِرَ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ يُجْعَلُ لِلْعَامِلِ مِنَ الثَّمَرَةِ

وبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ وَخَصَّهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ بِالنَّخْلِ وَالْكَرْمِ وَأُلْحِقَ الْمُقْلُ بِالنَّخْلِ لِشَبَهِهِ بِهِ وَخَصَّهُ أَبُو دَاوُدَ بِالنَّخْلِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَزُفَرُ لَا يَجُوزُ بِحَالٍ لِأَنَّهَا إِجَارَةٌ بِثَمَرَةٍ مَعْدُومَةٍ أَوْ مَجْهُولَةٍ

وأَجَابَ مَنْ جَوَّزَهُ بِأَنَّهُ عَقْدٌ عَلَى عَمَلٍ فِي الْمَالِ بِبَعْضِ نَمَائِهِ فَهُوَ كَالْمُضَارَبَةِ لِأَنَّ الْمُضَارِبَ يَعْمَلُ فِي الْمَالِ بِجُزْءٍ مِنْ نَمَائِهِ وَهُوَ مَعْدُومٌ وَمَجْهُولٌ وَقَدْ صَحَّ عَقْدُ الْإِجَارَةِ مَعَ أَنَّ الْمَنَافِعَ مَعْدُومَةٌ

فَكَذَلِكَ هُنَا وَأَيْضًا فَالْقِيَاسُ فِي إِبْطَالِ نَصٍّ أَوِ إِجْمَاعٍ مَرْدُودٍ

وأَجَابَ بَعْضُهُمْ عَنْ قِصَّةِ خَيْبَرَ بِأَنَّهَا فُتِحَتْ صُلْحًا وَأَقَرُّوا عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ مِلْكُهُمْ بِشَرْطِ أَنْ يُعْطَوْا نِصْفَ الثَّمَرَةِ

فَكَانَ ذَلِكَ يُؤْخَذُ بِحَقِّ الْجِزْيَةِ فَلَا يدل على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015