الْعِلْمِ فِي لَبَنِ الْفَحْلِ) رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ بن عُمَرَ وَأَبِي الزُّبَيْرِ وَرَافِعِ بْنِ خُدَيْجٍ وَغَيْرِهِمْ وَمِنَ التَّابِعِينَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ وَالْقَاسِمِ وَسَالِمٍ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَعَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ وَالشَّعْبِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَغَيْرِهِمْ
واحْتَجُّوا بقوله تعالى (وأمهاتكم اللآتي أرضعنكم) وَلَمْ يَذْكُرْ الْعَمَّةَ وَالْبِنْتَ كَمَا ذَكَرَهُمَا فِي النَّسَبِ
وَأُجِيبُوا بِأَنَّ تَخْصِيصَ الشَّيْءِ بِالذِّكْرِ لَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْحُكْمِ عَمَّا عَدَاهُ وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ جَاءَتِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ
واحْتَجَّ بَعْضُهُمْ مِنْ حَيْثُ النَّظَرِ بِأَنَّ اللَّبَنَ لَا يَنْفَصِلُ مِنَ الرَّجُلِ وَإِنَّمَا يَنْفَصِلُ مِنَ الْمَرْأَةِ فَكَيْفَ تَنْتَشِرُ الْحُرْمَةُ إِلَى الرَّجُلِ
والْجَوَابُ أَنَّهُ قِيَاسٌ فِي مُقَابَلَةِ النَّصِّ فَلَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ وَأَيْضًا فَإِنَّ سَبَبَ اللَّبَنِ هُوَ مَاءُ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ مَعًا فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الرَّضَاعُ مِنْهُمَا وَإِلَى هذا أشار بن عَبَّاسٍ بِقَوْلِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اللِّقَاحُ وَاحِدٌ وَأَيْضًا فَإِنَّ الْوَطْءَ يُدِرُّ اللَّبَنَ فَلِلْفَحْلِ فِيهِ نَصِيبٌ (وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَصَحُّ) فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ بِالْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَلَمْ يَثْبُتْ الْقَوْلُ الثَّانِي بِدَلِيلٍ صَحِيحٍ قَوْلُهُ (لَهُ جَارِيَتَانِ) أَيْ أَمَتَانِ (أَرْضَعَتْ أَحَدُهُمَا جَارِيَةً) أَيْ صَبِيَّةً (وَالْأُخْرَى غُلَامًا) أَيْ وَالْجَارِيَةُ الْأُخْرَى أَرْضَعَتْ صَبِيًّا (فَقَالَ لَا) أَيْ لَا يَحِلُّ لِلْغُلَامِ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْجَارِيَةَ (اللِّقَاحُ وَاحِدٌ) قَالَ الْجَزَرِيُّ فِي النِّهَايَةِ اللَّقَاحُ بِالْفَتْحِ اسْمُ مَاءِ الْفَحْلِ أَرَادَ أَنَّ مَاءَ الْفَحْلِ الَّذِي حَمَلَتْ مِنْهُ وَاحِدٌ وَاللَّبَنُ الَّذِي أَرْضَعَتْهُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا كَانَ أَصْلُهُ مَاءَ الْفَحْلِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اللِّقَاحُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِمَعْنَى الْإِلْقَاحِ يُقَالُ أَلْقَحَ الْفَحْلُ النَّاقَةَ إِلْقَاحًا وَلَقَاحًا كَمَا يُقَالُ أَعْطَى إِعْطَاءً وَعَطَاءً
والْأَصْلُ فِيهِ لِلْإِبِلِ ثُمَّ اسْتُعِيرَ لِلنَّاسِ انْتَهَى
وأَثَرُ بن عَبَّاسٍ هَذَا سَكَتَ عَنْهُ التِّرْمِذِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ إسناده صحيح