قَوْلُهُ (وفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ) لِيُنْظَرْ من أخرجه (وبن مسعود) أخرجه بن مَاجَهْ بِلَفْظِ كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا فَإِنَّهَا تُزَهِّدُ فِي الدُّنْيَا وَتُذَكِّرُ الْآخِرَةَ (وَأَنَسٍ) أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ وَلَفْظُ الْحَاكِمِ كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ أَلَّا فَزُورُوهَا فَإِنَّهَا تُرِقُّ الْقُلُوبَ وَتُدْمِعُ الْعَيْنَ وَتُذَكِّرُ الْآخِرَةَ (وَأَبِي هُرَيْرَةَ) أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ بِلَفْظِ قَالَ زَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْرَ أُمِّهِ فَبَكَى وَأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ فَقَالَ اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي فِي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لَهَا فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي وَاسْتَأْذَنْتُهُ فِي أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأَذِنَ لِي فَزُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْمَوْتَ
(وَأُمُّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا) أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ بِلَفْظِ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا فَإِنَّ لَكُمْ فِيهَا عِبْرَةً
كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ
قَوْلُهُ (حَدِيثُ بُرَيْدَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ
قَوْلُهُ (وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَخْ) قَالَ النَّوَوِيُّ تَبَعًا لِلْعَبْدَرِيِّ وَالْحَازِمِيِّ وَغَيْرِهِمَا اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ زِيَارَةَ الْقُبُورِ لِلرِّجَالِ جَائِزَةٌ
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ فِيهِ نَظَرٌ لأن بن أبي شيبة وغيره روى عن بن سِيرِينَ وَإِبْرَاهِيمَ وَالشَّعْبِيِّ الْكَرَاهَةَ مُطْلَقًا فَلَعَلَّ مَنْ أَطْلَقَ أَرَادَ بِالِاتِّفَاقِ مَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْأَمْرُ بَعْدَ هَؤُلَاءِ وَكَانَ هَؤُلَاءِ لَمْ يَبْلُغْهُمُ النَّاسِخُ ومقابل هذا القول بن حُزَمٍ أَنَّ زِيَارَةَ الْقُبُورِ وَاجِبَةٌ وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً فِي الْعُمْرِ لِوُرُودِ الْأَمْرِ بِهِ انْتَهَى
[1056] قَوْلُهُ (لَعَنَ زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ)
قَالَ القارىء لَعَلَّ الْمُرَادَ كَثِيرَاتُ الزِّيَارَةِ
وقَالَ الْقُرْطُبِيُّ هَذَا اللَّعْنُ إِنَّمَا هُوَ لِلْمُكْثِرَاتِ مِنَ الزِّيَارَةِ لِمَا تَقْتَضِيهِ الصِّيغَةُ مِنَ الْمُبَالَغَةِ وَلَعَلَّ السَّبَبَ مَا يُفْضِي إِلَيْهِ ذَلِكَ مِنْ تَضْيِيعِ حَقِّ الزَّوْجِ وَمَا يَنْشَأُ مِنْهُنَّ مِنَ الصِّيَاحِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَقَدْ يُقَالُ إِذَا أُمِنَ جَمِيعُ ذَلِكَ فَلَا مَانِعَ مِنَ الْإِذْنِ لِأَنَّ تَذَكُّرَ الْمَوْتِ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ انْتَهَى
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ وَهَذَا الْكَلَامُ هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ أَحَادِيثِ الْبَابِ الْمُتَعَارِضَةِ فِي الظاهر انتهى