وَالْأَوَّلُ مَحْمُولٌ عَلَى الثَّانِي لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ فَيَصْدُقُ بِكُلِّ شَيْءٍ مِنْهُ (فَآذِنَّنِي) بِالْمَدِّ وَكَسْرِ الذَّالِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ الْأُولَى أَمْرٌ لِجَمَاعَةِ النِّسَاءِ مِنَ الْإِيذَانِ وَهُوَ الْإِعْلَامُ وَالنُّونُ الْأُولَى أَصْلِيَّةٌ سَاكِنَةٌ وَالثَّانِيَةُ ضَمِيرُ فَاعِلٍ وَهِيَ مَفْتُوحَةٌ وَالثَّالِثَةُ لِلْوِقَايَةِ (فَأَلْقَى إِلَيْنَا حَقْوَهُ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَيَجُوزُ كَسْرُهَا بَعْدَهَا قَافٌ سَاكِنَةٌ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْإِزَارُ كَمَا وَقَعَ مُفَسَّرًا فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ
والْحَقْوُ فِي الْأَصْلِ مَعْقِدُ الْإِزَارِ وَأُطْلِقَ عَلَى الْإِزَارِ مَجَازًا قَالَهُ الْحَافِظُ (أَشْعِرْنَهَا بِهِ) أَيْ بِالْحَقْوِ فِي النِّهَايَةِ أَيْ اجْعَلْنَهُ شِعَارَهَا وَالشِّعَارُ الثَّوْبُ الَّذِي يَلِي الْجَسَدَ لِأَنَّهُ يَلِي شَعْرَهُ قَالَ الطِّيبِيُّ أَيْ اجْعَلْنَ هَذَا الْحَقْوَ تَحْتَ الْأَكْفَانِ بِحَيْثُ يُلَاصِقُ بَشَرَتَهَا وَالْمُرَادُ إِيصَالُ الْبَرَكَةِ إِلَيْهَا قَوْلُهُ (وَفِي حَدِيثِ غَيْرِ هَؤُلَاءِ) أَيْ خَالِدٍ وَمَنْصُورٍ وَهِشَامٍ (وَضَفَرْنَا شَعْرَهَا) الضَّفْرُ فَتْلُ الشَّعْرِ قَالَ الطِّيبِيُّ مِنَ الضَّفِيرَةِ وَهِيَ النَّسْجُ وَمِنْهُ ضَفْرُ الشَّعْرِ وَإِدْخَالُ بَعْضِهِ فِي بَعْضٍ (ثَلَاثَةَ قُرُونٍ) أَيْ ثَلَاثَ ضَفَائِرَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ للبخاري ناصيتها وقرينها أَيْ جَانِبَيْ رَأْسِهَا وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى لِلْبُخَارِيِّ أَنَّهُنَّ جَعَلْنَ رَأْسَ بِنْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةَ قُرُونٍ نَقَضْنَهُ ثُمَّ غَسَلْنَهُ ثُمَّ جَعَلْنَهُ ثَلَاثَةَ قُرُونٍ (فَأَلْقَيْنَاهُ خَلْفَهَا) أَيْ فَأَلْقَيْنَا الشَّعْرَ خَلْفَ ظَهْرِهَا
قَالَ الْحَافِظُ فِي فتح الباري واستدل به على ضفر شعرالميت خلافا لمن منعه فقال بن الْقَاسِمِ لَا أَعْرِفُ الضَّفْرَ بَلْ يُكَفُّ وَعَنِ الْأَوْزَاعِيِّ وَالْحَنَفِيَّةِ يُرْسِلُ شَعْرَ الْمَيِّتِ خَلْفَهَا وَعَلَى وجهها مفرقة
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَكَأَنَّ سَبَبَ الْخِلَافِ أَنَّ الَّذِي فَعَلَتْهُ أُمُّ عَطِيَّةَ هَلْ اسْتَنَدَتْ فِيهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْ فَعَلَتْهُ اسْتِحْسَانًا كِلَا الْأَمْرَيْنِ مُحْتَمَلٌ لَكِنَّ الْأَصْلَ أَنْ لَا يُفْعَلَ بِالْمَيِّتِ شَيْءٌ مِنْ جِنْسِ الْقُرَبِ إِلَّا بِإِذْنٍ مِنَ الشَّرْعِ مُحَقَّقٍ وَلَمْ يَرِدْ ذَلِكَ مَرْفُوعًا كَذَا قَالَ
وقَالَ النَّوَوِيُّ الظَّاهِرُ اطِّلَاعُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَقْرِيرُهُ قال الحافظ بن حَجَرٍ وَقَدْ رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ بِلَفْظِ الْأَمْرِ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اغْسِلْنَهَا وترا واجعلن شعرها ضفائر
وأخرج بن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا وَاجْعَلْنَ لَهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ انْتَهَى
(وَفِي الْبَابِ عَنْ أُمِّ سُلَيْمٍ) لِيُنْظَرْ مَنْ أَخْرَجَهُ
قَوْلُهُ (حَدِيثُ أُمِّ عَطِيَّةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ