تحفه الاحوذي (صفحة 1516)

13 - (بَاب مَا جَاءَ فِي التَّلْبِيَةِ)

[825] قَوْلُهُ (لَبَّيْكَ) هِيَ مَصْدَرُ لَبَّى أَيْ قَالَ لَبَّيْكَ وَلَا يكون عامله إلا مضمرا أي ألبيت يَا رَبِّ بِخِدْمَتِكَ إِلْبَابًا بَعْدَ إِلْبَابٍ مَنْ أَلَبَّ بِالْمَكَانِ أَقَامَ بِهِ أَيْ أَقَمْتُ عَلَى طَاعَتِكَ إِقَامَةً بَعْدَ إِقَامَةٍ

وَقِيلَ أَجَبْتُ دَعْوَتَكَ إِجَابَةً بَعْدَ إِجَابَةٍ وَالْمُرَادُ بِالتَّثْنِيَةِ التَّكْثِيرُ كَقَوْلِهِ تعالى فارجع البصر كرتين أَيْ كَرَّةً بَعْدَ كَرَّةٍ وَحَذَفَ الزَّوَائِدَ لِلتَّخْفِيفِ وحذف النون للإضافة قاله القارىء

وَقَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَعَنِ الْفَرَّاءِ هُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَصْدَرِ وَأَصْلُهُ لَبًّا لَك فَثَنَّى عَلَى التَّأْكِيدِ أَيْ إِلْبَابًا بَعْدَ إِلْبَابٍ وَهَذِهِ التَّثْنِيَةُ لَيْسَتْ حَقِيقِيَّةً بَلْ هِيَ لِلتَّكْثِيرِ أَوِ الْمُبَالَغَةِ وَمَعْنَاهُ إِجَابَةٌ بَعْدَ إِجَابَةٍ أَوْ إِجَابَةٌ لَازِمَةٌ وَقِيلَ مَعْنَى لَبَّيْكَ اتِّجَاهِي وَقَصْدِي إِلَيْكَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ دَارِي تُلِبُّ دَارَكَ أَيْ تُوَاجِهُهَا

وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَا مُقِيمٌ عَلَى طَاعَتِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ لَبَّ الرَّجُلُ بِالْمَكَانِ إِذَا أَقَامَ

وَقِيلَ قُرْبًا مِنْكَ مِنَ الْإِلْبَابِ وَهُوَ الْقُرْبُ

وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَأَشْهَرُ لِأَنَّ الْمُحْرِمَ مُسْتَجِيبٌ لِدُعَاءِ اللَّهِ إِيَّاهُ فِي حَجِّ بَيْتِهِ وَلِهَذَا مَنْ دعا فقال لبيك فقد استجاب

وقال بن عَبْدِ الْبَرِّ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَعْنَى التَّلْبِيَةِ إِجَابَةُ دَعْوَةِ إِبْرَاهِيمَ حِينَ أَذَّنَ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ انْتَهَى

وَهَذَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ بن حميد وبن جرير وبن أبي حاتم بأسانيدهم في تفاسيرهم عن بن عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ وَعِكْرِمَةَ وَقَتَادَةَ وَغَيْرِ وَاحِدٍ وَالْأَسَانِيدُ إِلَيْهِمْ قَوِيَّةٌ وَأَقْوَى مَا فِيهِ عَنِ بن عَبَّاسٍ مَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ فِي مسنده وبن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ قَابُوسِ بْنِ أَبِي ظَبْيَانِ عَنْ أَبِيهِ عَنْهُ قَالَ لَمَّا فَرَغَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ بِنَاءِ الْبَيْتِ قِيلَ لَهُ أَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ قَالَ رَبِّ وَمَا يَبْلُغُ صَوْتِي قَالَ أَذِّنْ وَعَلَيَّ الْبَلَاغُ قَالَ فَنَادَى إِبْرَاهِيمُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُتِبَ عَلَيْكُمِ الْحَجُّ إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ

فَسَمِعَهُ مَنْ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ

أَفَلَا تَرَوْنَ أَنَّ النَّاسَ يَجِيئُونَ مِنْ أَقْصَى الْأَرْضِ يُلَبُّونَ وَمِنْ طَرِيقِ بن جريج عن عطاء عن بن عَبَّاسٍ وَفِيهِ فَأَجَابُوهُ بِالتَّلْبِيَةِ فِي أَصْلَابِ الرِّجَالِ وَأَرْحَامِ النِّسَاءِ وَأَوَّلُ مَنْ أَجَابَهُ أَهْلُ الْيَمَنِ فَلَيْسَ حَاجٌّ يَحُجُّ مِنْ يَوْمِئِذٍ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ إِلَّا مَنْ كَانَ أَجَابَ إِبْرَاهِيمَ يَوْمَئِذٍ انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ مُخْتَصَرًا (إِنَّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015