قَوْلُهُ (وَجَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ فِيهَا) هَذَا نَصٌّ صَرِيحٌ فِي الْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ كُسُوفِ الشَّمْسِ وفي رواية بن حِبَّانَ كَسَفَتِ الشَّمْسُ فَصَلَّى بِهِمْ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ وَجَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ وَبِهَذِهِ الرِّوَايَةِ بَطَلَ مَا قَالَ النَّوَوِيُّ مِنْ أَنَّ رِوَايَةَ الْجَهْرِ فِي خُسُوفِ الْقَمَرِ وَرِوَايَةَ الْإِسْرَارِ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ
وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ جَهَرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَقَدْ وَرَدَ الْجَهْرُ فِيهَا عَنْ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا وموقوفا أخرجه بن خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُ وَقَالَ بِهِ صَاحِبَا أَبِي حَنِيفَةَ وأحمد وإسحاق وبن خزيمة وبن المنذر وغيرهما من محدثي الشافعية وبن الْعَرَبِيِّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَقَالَ الطَّبَرِيُّ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْجَهْرِ وَالْإِسْرَارِ انْتَهَى
قَوْلُهُ هَذَا (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ
فَإِنْ قُلْتَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَهُوَ ثِقَةٌ فِي غَيْرِ الزُّهْرِيِّ فَكَيْفَ يَكُونُ حَدِيثُهُ هَذَا بِلَفْظِ وَجَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ فِيهَا حَسَنًا صَحِيحًا
قُلْتُ لَمْ يَتَفَرَّدْ هُوَ بِرِوَايَةِ هَذَا الْحَدِيثِ بِهَذَا اللَّفْظِ عَنِ الزُّهْرِيِّ بَلْ تَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَعَقِيلٌ عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاشِدٍ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ قَالَ الْحَافِظُ وَهَذِهِ طُرُقٌ يُعَضِّدُ بَعْضُهَا بَعْضًا يُفِيدُ مَجْمُوعُهَا الْجَزْمَ بِذَلِكَ فَلَا مَعْنَى لِتَعْلِيلِ مَنْ أَعَلَّهُ بِتَضْعِيفِ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ وَغَيْرِهِ انْتَهَى
قَوْلُهُ (وَبِهَذَا الْحَدِيثِ يَقُولُ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ) وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الرَّاجِحُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ