قُلْتُ وَرُدَّ هَذَا الِاسْتِدْلَالُ بِأَنَّ الثَّلَاثَ قَدْرُ قَضَاءِ الْحَوَائِجِ لَا لِكَوْنِهَا غَيْرَ إِقَامَةٍ وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِمَا رَوَى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ أَسْلَمَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ أَجْلَى الْيَهُودَ مِنَ الْحِجَازِ ثُمَّ أَذِنَ لِمَنْ قَدِمَ مِنْهُمْ تَاجِرًا أَنْ يُقِيمَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ صَحَّحَهُ أَبُو زُرْعَةَ
(أَمَّا إِسْحَاقُ) يَعْنِي بن راهويه (فرأى أقوى المذاهب فيه حديث بْنِ عَبَّاسٍ) عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَقَامَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ تِسْعَ عَشْرَةَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ (قَالَ) أَيْ إِسْحَاقُ (لِأَنَّهُ) أَيْ بن عَبَّاسٍ (رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ تَأَوَّلَهُ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَيْ أَخَذَ بِهِ وَعَمِلَ عَلَيْهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (ثُمَّ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يقصر ما لم يجمع إقامته وَإِنْ أَتَى عَلَيْهِ سُنُونَ) جَمْعُ سَنَةٍ أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَامُوا بِرَامَهُرْمُزَ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ يَقْصُرُونَ الصَّلَاةَ قَالَ النَّوَوِيُّ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَفِيهِ عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ وَاخْتَلَفُوا فِي الِاحْتِجَاجِ بِهِ وَاحْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ انْتَهَى وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الله بن عمر عن نافع عن بن عُمَر أَقَامَ بِأَذْرَبِيجَانَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ انْتَهَى وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ أن بن عمر قال أدنج عَلَيْنَا الثَّلْجُ وَنَحْنُ بِأَذْرَبِيجَانَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ فِي غَزَاةٍ وَكُنَّا نُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ انْتَهَى
قَالَ النَّوَوِيُّ وَهَذَا سَنَدٌ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحَيْنِ كَذَا فِي نَصْبِ الرَّايَةِ
وَذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ فِيهِ آثَارًا أُخْرَى
[549] قَوْلُهُ (سَافَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَفَرًا) أَيْ فِي فَتْحِ مَكَّةَ كَمَا تَقَدَّمَ (فَصَلَّى) أَيْ فَأَقَامَ فَصَلَّى (تِسْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ) وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ أَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِسْعَةَ عَشَرَ يَقْصُرُ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ أَيْ يَوْمًا بليلة زاد في المعازي بِمَكَّةَ وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ بِلَفْظِ سَبْعَةَ عَشَرَ بِتَقْدِيمِ السِّينِ وَلَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ فَأَقَامَ بِمَكَّةَ ثَمَانِي عَشْرَةَ لَيْلَةً لَا يُصَلِّي إِلَّا رَكْعَتَيْنِ
وله من طريق بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عن بن عَبَّاسٍ أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ خَمْسَ عَشْرَةَ يَقْصُرُ الصلاة