قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ
[547] قَوْلُهُ (خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ لَا يَخَافُ إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ) فِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْقَصْرَ مُخْتَصٌّ بِالْخَوْفِ وَاَلَّذِي قَالَ ذَلِكَ تَمَسَّكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَإِذَا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أو تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الذين كفروا وَلَمْ يَأْخُذِ الْجُمْهُورُ بِهَذَا الْمَفْهُومِ فَقِيلَ لِأَنَّ شَرْطَ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ أَنْ لَا يَكُونَ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ وَقِيلَ هُوَ مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي شُرِعَ الْحُكْمُ فِيهَا بِسَبَبٍ ثُمَّ زَالَ السَّبَبُ وَبَقِيَ الْحُكْمُ كَالرَّمَلِ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْقَصْرِ فِي الْآيَةِ قَصْرُ الصَّلَاةِ بِالْخَوْفِ إِلَى رَكْعَةٍ وَفِيهِ نَظَرٌ
لِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ وَلَهُ صُحْبَةٌ
أَنَّهُ سَأَلَ عُمَرَ عَنْ قَصْرِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ فَقَالَ أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ
فَهَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الصَّحَابَةَ فَهِمُوا مِنْ ذَلِكَ قَصْرَ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ مُطْلَقًا لَا قَصْرَهَا فِي الْخَوْفِ خَاصَّةً وَفِي جَوَابِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِشَارَةٌ إِلَى الْقَوْلِ الثَّانِي
وَرَوَى السَّرَّاجُ عَنْ أَبِي حَنْظَلَةَ قَالَ سألت بن عُمَرَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ فَقَالَ رَكْعَتَانِ فَقُلْتُ
إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ
(إِنْ خِفْتُمْ) وَنَحْنُ آمِنُونَ فَقَالَ سُنَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلم وهذا يرجع الْقَوْلَ الثَّانِيَ كَذَا فِي فَتْحِ الْبَارِي
قَوْلُهُ
(هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ) قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَصَحَّحَهُ النَّسَائِيُّ
يُرِيدُ بَيَانَ الْمُدَّةِ الَّتِي إِذَا أَرَادَ الْمُسَافِرُ الْإِقَامَةَ فِي مَوْضِعٍ إِلَى تِلْكَ الْمُدَّةِ يُتِمُّ الصَّلَاةَ وَإِذَا أَرَادَ الْإِقَامَةَ إِلَى أَقَلَّ مِنْهَا يَقْصُرُ وَقَدْ عَقَدَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ بَابًا بِلَفْظِ بَابُ فِي كَمْ تُقْصَرُ