الْكَرْمَانِيُّ فَإِنْ قُلْتَ الْقُرْبَانُ إِنَّمَا هُوَ فِي النعم لَا فِي الدَّجَاجَةِ وَالْبَيْضَةِ قُلْتُ مَعْنَى قَرَّبَ ها هنا تَصَدَّقَ مُتَقَرِّبًا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِهَا
وَقَالَ الْعَيْنِيُّ وَفِيهِ إِطْلَاقُ الْقُرْبَانِ عَلَى الدَّجَاجَةِ وَالْبَيْضَةِ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنَ التَّقَرُّبِ التَّصَدُّقُ وَيَجُوزُ التَّصَدُّقُ بِالدَّجَاجَةِ وَالْبَيْضَةِ وَنَحْوِهِمَا
قَوْلُهُ (يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ) أَيِ الْخُطْبَةَ قَالَ النَّوَوِيُّ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَكَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَالْقَاضِي حُسَيْنٍ وَإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّاعَاتِ هُنَا لَحَظَاتٌ لَطِيفَةٌ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ والرواح عِنْدَهُمْ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ وَادَّعَوْا أَنَّ هَذَا مَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَجَمَاهِيرِ أَصْحَابِهِ وجماهير العلماء استحباب التبكير إليها أَوَّلَ النَّهَارِ وَالرَّوَاحُ يَكُونُ أَوَّلَ النَّهَارِ وَآخِرَهُ
قَالَ الْأَزْهَرِيُّ لُغَةُ الْعَرَبِ الرَّوَاحُ الذَّهَابُ سَوَاءٌ كَانَ أَوَّلَ النَّهَارِ أَوْ آخِرَهُ أَوْ فِي اللَّيْلِ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْحَدِيثُ وَالْمَعْنَى لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَكْتُبُ مَنْ جَاءَ فِي السَّاعَةِ الْأُولَى وَهُوَ كَالْمُهْدِي بَدَنَةً ثُمَّ مَنْ جَاءَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ ثُمَّ الثَّالِثَةِ ثُمَّ الرَّابِعَةِ ثُمَّ الْخَامِسَةِ وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ السَّادِسَةِ فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ طَوَوُا الصُّحُفَ وَلَمْ يَكْتُبُوا بَعْدَ ذَلِكَ أَحَدًا وَمَعْلُومٌ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَخْرُجُ إِلَى الْجُمُعَةِ مُتَّصِلًا بَعْدَ الزَّوَالِ وَهُوَ بَعْدَ انْفِصَالِ السَّادِسَةِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا شَيْءَ مِنَ الْهَدْيِ وَالْفَضِيلَةِ لِمَنْ جَاءَ بَعْدَ الزَّوَالِ وَكَذَا ذِكْرُ السَّاعَاتِ إِنَّمَا كَانَ لِلْحَثِّ عَلَى التَّبْكِيرِ إِلَيْهَا وَالتَّرْغِيبِ فِي فَضِيلَةِ السَّبْقِ وَتَحْصِيلِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَانْتِظَارِهَا بِالِاشْتِغَالِ بِالنَّفْلِ وَالذِّكْرِ وَنَحْوِهِ وَهَذَا كُلُّهُ لَا يَحْصُلُ بِالذَّهَابِ بَعْدَ الزَّوَالِ وَلَا فَضِيلَةَ لِمَنْ أَتَى بَعْدَ الزَّوَالِ لِأَنَّ النِّدَاءَ يَكُونُ حِينَئِذٍ وَيَحْرُمُ التَّخَلُّفُ بَعْدَ النِّدَاءِ انْتَهَى كَلَامُ النَّوَوِيُّ
قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَسَمُرَةَ) أَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَأَخْرَجَهُ بن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ قَالَ تُبْعَثُ الْمَلَائِكَةُ عَلَى أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يَكْتُبُونَ مَجِيءَ النَّاسِ فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ طُوِيَتِ الصُّحُفُ وَرُفِعَتِ الْأَقْلَامُ فَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ مَا حَبَسَ فُلَانًا فَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ ضَالًّا فَاهْدِهِ وَإِنْ كَانَ مَرِيضًا فَاشْفِهِ وَإِنْ كَانَ عَائِلًا فَأَغْنِهِ وَأَمَّا حَدِيثُ سَمُرَةَ وَهُوَ بن جندب فأخرجه بن مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ بِلَفْظِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَ مَثَلَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ التَّبْكِيرِ كَأَجْرِ الْبَقَرَةِ كَأَجْرِ الشَّاةِ حَتَّى ذَكَرَ الدَّجَاجَةَ وَفِي الْبَابِ أَحَادِيثُ عَدِيدَةٌ ذَكَرَهَا الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ فِي التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ