فأتيت على رجل منهم, فذهبت أطعنه, فقال: لا إله إلا الله, فطعنته فقتلته, فجئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم, فأخبرته, فقال: أقتلته وقد شهد أن لا إله إلا الله؟ فقلت: يا رسول الله! إنما فعل ذلك تعوذا, فقال: فهلا شققت عن قلبه ".

قيل: هذا المقتول هو مرداس بن نهيك الفزاري, وقيل: هو مرداس بن عمرو الفدكي, وعلى القولين لم يكن من جهينة, لكن لما وجدوه بأرضهم وكان مقيما فيما بينهم عد منهم, وإنما اجترأ أسامة على قتله لأنه رأى أنه يقول ما يقول تعوذا عن السيف, لا عن صميم قلبه, وظن أن إيمان الرجل في مثل هذه الحالة لا ينفعه, كما لا ينفع المحتضر.

ثم لما حكى الحال للرسول صلى الله عليه وسلم أنكر صنيعه, وبين له أنه أخطأ في اجتهاده, بقوله: " فهلا شققت عن قلبه " أي: اطلعت على ما في قلبه, فعلمت أنه إنما يقوله تعوذا لا إخلاصا.

غاية ما في الباب: أن الأمرين محتمل, وأحدهما أظهر, لكن إبقاء ألف كافر أهون عند الله من إهلاك مسلم, والرجل وإن لم يكن محكوما بإسلامه بما قال حتى يضم إليه الإقرار بالنبوة, لكنه لما أتى بما هو العمدة والمقصود بالذات, كان من حقه أن يمسك عنه, حتى يتعرف حاله.

***

طور بواسطة نورين ميديا © 2015