عَن قبُول قَول غَيره وَيَنْبَغِي لنا أَن نقبل قَوْله فِي نَفسه فيساء الظَّن بِهِ وَلَا نقبل قَوْله فِي غَيره كمن أقرّ بِشَيْء عَلَيْهِ وعَلى غَيره قبل قَوْله عَلَيْهِ وَلم يقبل على غَيره
وَهَا أَنا أُجِيب عَن مقَالَته إِن شَاءَ الله تَعَالَى فصلا فصلا وَأبين عوار كَلَامه فرعا وأصلا بِتَوْفِيق الله ومعونته
أما قَوْله إِنَّا كُنَّا أعزاء بَين أهل الْمذَاهب فها نَحن الْيَوْم سَبْعُونَ منفيون محصورون إِلَى آخر كَلَامه
فَهَذَا إِيمَاء مِنْهُ إِلَى أَن أسلافنا رَحِمهم الله تَعَالَى كَانُوا على قَول وَنحن على غَيره وأننا أحدثنا مقَالَة غير مقالتهم استحققنا بهَا الْعقُوبَة
وَهَذَا كذب وفرية وَقَول من لَا حَيَاء لَهُ وَلَا دين فليخبرنا أَي شَيْء أحدثناه وَأي مقَالَة خَالَفنَا فِيهَا أسلافنا فَإِن قَالَ تركْتُم تَأْوِيل الْآيَات وَالْأَخْبَار الْوَارِدَة فِي الصِّفَات وَادّعى أَن السّلف تأولوها وفسروها فقد أفك وافترى وَجَاء بالطامة الْكُبْرَى
فَإِنَّهُ لَا خلاف فِي أَن مَذْهَب السّلف الْإِقْرَار وَالتَّسْلِيم وَترك التَّعَرُّض للتأويل والتمثيل
ثمَّ إِن الأَصْل عدم تأويلهم فَمن ادّعى أَنهم تأولوها فليأت ببرهان عل قَوْله
وَهَذَا لَا سَبِيل إِلَى مَعْرفَته إِلَّا بِالنَّقْلِ وَالرِّوَايَة
فلينقل لنا ذَلِك عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو عَن صحابته أَو عَن أحد من التَّابِعين أَو الْأَئِمَّة المرضيين
ثمَّ الْمُدَّعِي لذَلِك من أهل الْكَلَام وهم أَجْهَل النَّاس بالآثار وَأَقلهمْ علما بالأخبار وأتركهم للنَّقْل
فَمن أَيْن لَهُم علم بِهَذِهِ وَمن نقل مِنْهُم شَيْئا لم يقبل نَقله وَلَا يلْتَفت إِلَيْهِ
وَإِنَّمَا لَهُم الْوَضع وَالْكذب وزور الْكَلَام
وَلَا خلاف بَين أهل النَّقْل سنيهم وبدعيهم فِي أَن مَذْهَب السّلف رَضِي الله عَنْهُم فِي صِفَات الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْإِقْرَار بهَا والإمرار لَهَا