مَا لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ} ؟
تلك نماذج قليلة من مواقف للشيخ الغزالي كثيرة تجاه الأحاديث النبوية الصحيحة والأحاديث الضعيفة يأخذ منها ما يشاء ويرفض منها ما خالف هواه دون أن يستند في ذلك على قاعدة تذكر عند أحد من العلماء بل هي العشوائية العمياء كما تقدم.
ذكرت ذلك ليتبين القراء طريقته في رفضه للأحاديث الصحيحة عند أهل الاختصاص من العلماء فلا هو منهم علما حتى يستطيع معرفة الصحيح من الضعيف انطلاقا من قواعدهم وكتابه فقه السيرة بتخريجي إياه وما تقدم من الأمثلة دليل قاطع على ذلك ولا هو معهم كما قال الله تعالى: {وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} وقال: {فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} ومقدمته لتخريجي المشار إليه وما سبق من الأمثلة أيضا يؤكد كل ذلك فمن لم يكن من أولئك العلماء ولا هو معهم فالأحرى به أن يكون لسان حاله - على الأقل - كما قال ذلك الشاعر الجاهلي:
وهل أنا إلا من غزية إن غوت ... غويت وإن ترشد غزية أرشد
وختام ذلك موقفه من حديث البخاري في المعازف وأسلوبه في تضعيفه إياه فهذا وحده يكفي للدلالة على أنه لا ينطلق في نقده للأحاديث إلا من الهوى والظن الأعمى فقد قال: ص 66 – 67، لأحد علماء الخليج وهو يناقشه في ليلة النصف من شعبان: "أظن الأحاديث التي وردت في ليلة النصف أقوى من الأحاديث التي وردت في تحريم الغناء".