بينما ترى الرواية عن الخلفاء الراشدين مثلاً قليلة.
قال علي بن المديني: " أحاديث أبي بكر عن النبي صلى الله عليه وسلم الصحيحة قليلة " (?).
والأحاديث عن علي بن أبي طالب مع تأخره عنهم أيضاً قليلة، وأكثر ما ينسب أو يروي عنه من الحديث لا يصح.
كذلك الصحابي لا يعرف له إلا الحديث الواحد أو الأحاديث اليسيرة، فإن روي عنه الشيء غيره كان ذلك المروي عند الناقد محلاً للنظر.
وأما غير الصحابة، فالزهري مثلاً في كثرة حديثه لا ينكر له التفرد، بينما الراوي لا يروي إلا القليل، يروي ما لا يشارك فيه فهو محل نظر، وإن كان ثقة، فقلة حديثه تنبئ عن ضعف اهتمامه بالنقل، وإن كان اكتسب ثقته من أجل عدم ظهور وجه القدح فيه في نفسه وفي شيء مما رواه، إلا أن حال مثله حال في قلة الحديث توجب تحرياً لإثبات حفظه لما رواه.
ولذا كان أئمة الجرح والتعديل ينبهون كثيراً على قلة حديث الراوي أو كثرته؛ ليعرف محله في الاعتناء بهذا العلم من عدمه، وليعتبر ذلك في تمحيص رواياته.
ومن هذا قولهم: (أصح شيء في الباب حديث فلان) أو (حديث كذا)، وهو كثير في الأبواب التي وردت فيها الأحاديث المختلفة.
كقول أحمد بن حنبل في حديث ثوبان: " أفطر الحاجم والمحجوم ": " هو أصح ما روي في هذا الباب " (?).