البحث عن الراوي في غير المراجع المتقدمة:

أما البحث عن الراوي في غيرها مما صنف عشوائياً في الرجال، أو بطريقة تحتاج إلى خبرة سابقة بمنهج مؤلفيها؛ ممكن، إما باستقرائها من أولها إلى منتهاها، وإما بالخبرة بطريقة مؤلفها وإدراك كونها مظنةً لوجود مثل هذا الراوي أو ذاك فيها، وإما بالاستعانة بالفهارس المعجمية التي تلحق بها من قبل محققيها، أو فهارس لها مستقلة عنها، لكني أنبهك إلى خطورة أن تجزم بنفي مجرد أنك لم تقف على ذكر للراوي في الفهرس إلا أن تكون على ثقة تامة بعلم ومعرفة من صنعه، فإنك اليوم ترى كثيراً من الفهارس لكتب رجال الحديث ولأطراف الأحاديث لم يصنعها ذوو خبرة، يقع لهم فيها من الغلط شيء كثير، ومن الفوات أكثر.

المقصود: أنه لما كان هذا الباب من العلم شديداً خطيراً لما ينبني عليه من تثبيت دين؛ فإن الباحث لا يستغني بواحد من الطريقين عن الآخر، فربما خرج الحديث، ووجد تقييد (سفيان) بـ (الثوري) في رواية أخرى، لكن حيث يشترك السفيانان في كثير من الروايات فهو محتاج إلى أن يتبين أن التفسير الذي جاء في الموضع الآخر للحديث يقين في أن (سفيان) هو (الثوري) في الموضع الأول،

وليست مشاركة وقعت من الثوري لا بن عيينة، وكذلك لو استعمل طريق البحث الثاني دون الأول، فإن ما يرد عليه أكثر مما يرد على الطريق الأول.

إذا؛ الوقوف على النتيجة المبدئية باستعمال واحد من الطريقين لا يكفي للتحقق إلى درجة اليقين، فحيث كان مطلوباً؛ فإنه يلزم لتحقيقه استعمال الطريقين.

نعم؛ الحافظ والمحدث تحصل له ملكة خاصة يميز بها الرواة، ربما أغنته عن تتبع ما أشرحه في هذا الفصل، لكني أظن أنه ربما احتاج لمعرفة بعضه، خصوصاً في هذا الزمان المتأخر، وإنما هي بمنزلة التبصرة للطالب المبتدي والتذكرة للعارف المنتهي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015