جيد وأثنى عليه، فهو شيعي، وإذا قال: فلان كان مرجئاً، فاعلم أنه صاحب سنة لا بأس به " (?).
الناقد يعتريه ما يعتري البشر من الغفلة أو الغضب، فيقول القول لا يعني به شيئاً يتصل بهذا العلم، وإنما أوقعه فيه بعض هذه العوارض، فهذا إن كان لفظ جرح أو تعديل، فإنه لا يجوز أن يكون له أثر على الراوي الموصوف بذلك.
فمن مثال ما قد يرد على الناقد من التوهم:
ما حكاه حماد بن حفص (?) (وكان ثقة)، قال شهدت يحيى بن سعيد (يعني القطان) وجاء إليه شيخ من أهل البصرة، فتذاكرا الحديث، فقال الشيخ ليحيى: حدثنا ابن أبي رواد بكذا وكذا، فقال يحيى: " عرف عليه كذاب "، فقال: فلما كان بعد ساعة قال: " الأب حدثك أو الابن؟ " فقال: بل الأب، فقال: " الأب لا بأس به، إنما ظننت أنك تعني الابن " (?).
ومما يخرج على صدوره بسبب الغضب مثلاً: ما جاء من تكذيب أبي داود السجستاني لابنه أبي بكر، إن صح عنه، فإن أبا بكر حين مات أبوه كان شاباً، وصار إماماً بعد وفاة أبيه، وقد عاش بعده إحدى وأربعين سنة، عرفه فيها تلامذته الحفاظ كأبي حسن الدارقطني بالحفظ والثقة.
ومن هذا (جرح الأقران)، ككلام مالك بن أنس في محمد بن إسحاق، وكلام ابن إسحاق فيه.