مثلها، كراو لم يرو إلا بضعة أحاديث، فيغرب بأكثرها، وذلك إسناداً أو متناً أو جميعاً، فهذا يشعر بلين حديثه، وإن لم يصل ما تفرد به إلى حد النكارة.
أما الثقة المكثر إذا أغرب ببعض حديثه عن شيخ عرف بالعناية به، فهو من علامة تميزه وإتقانه.
لذا فحين تكلم في (حرملة بن يحيى التجيبي المصري) من أجل ما أغرب به عن عبد الله بن وهب رد ذلك ابن عدي، فقال: " قد تبحرت حديث حرملة وفتشته الكثير، فلم أجد في حديثه ما يجب أن يضعف من أجله، ورجل توارى ابن وهب عندهم ويكون عنده حديثه كله، فليس ببعيد أن يغرب على غيره من أصحاب ابن وهب كتباً ونسخاً " (?).
والإغراب مما تميل إليه النفوس بطبعها، لكن من عرفوا بالإتقان كانوا يتقون الإغراب إلا بمحفوظ، بخلاف من كان همه تكثير الرواية، فهذا لا يبالي بما حدث ولا عمن حدث، حتى ربما لحقته التهمة بسبب ذلك، كما كان الشأن في حق (الهيثم بن عدي) , و (محمد بن عمر الواقدي) وشبههما.
كما قال أبو يوسف القاضي: " من تتبع غريب الحديث كُذِّب " (?).